فرد" تستطارا" إلى رانفتين ؛ لأن" روانف" في معنى رانفتين ، وعلى هذا يجوز أن تقول : " الهندان حسنتا الوجوه جميلتا خدودهما" لأن الوجوه في معنى الوجهين ، فكأنك قلت : جميلتا خدود الوجهين ، وقد يجوز أن يكون" تستطارا" للمخاطب ، وتنصب" تستطارا" على الجواب بالواو ، كما قال الله عزوجل : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(١) ومما يدخل في هذا النحو قول طرفة :
رحيب قطاب الجيب منها رفيقة |
|
بجسّ الندامى بضّة المتجرّد (٢) |
فهذا هو الإنشاد الصحيح بتنوين" رحيب" ، ورديء إضافته بمنزلة" حسنة وجهها" ، وذلك لأن الأصل رحيب قطاب الجيب منها ، فقطاب يرتفع برحيب ، والضمير في" منها" يعود إلى الأول ، فإذا أضفنا" رحيب" فقد جعلنا فيها الضمير العائد فلا معنى لمنها ، على ما بينا في" حسنة الوجه" وكذا لا يحسن أن تقول : " زيد حسن العين منه" على ذلك.
قال سيبويه : " واعلم أنه ليس في العربية مضاف تدخل عليه الألف واللام ، غير المضاف إلى المعرفة في هذا الباب ، وذلك قولك هذا الحسن الوجه" :
فإن قال قائل : لم جاز أن تدخل الألف واللام على الصفة المشبهة إذا كانت مضافة قيل له : من قبل أن الإضافة لا تكسوها تعريفا البتة ، وقد بينا أمرها وأصلها ، وأنها في تقدير المنفصل ، فإذا كانت الإضافة لا تكسوها تعريفا ولا تخصيصا ، لم تمنعها الإضافة دخول الألف واللام ، وحلت محل النكرة ، التي تتعرّف بدخول الألف واللام لمّا احتاجت إلى دخولهما حين احتاجت إلى التعريف الذي لا تكتسبه بالإضافة.
فإن قال قائل : ولم جعله" سيبويه" مضافا ، والمضاف ما كان مقدرا فيه اللام ، أعني لام الإضافة أو" من"؟ فإن الجواب في ذلك أنه أراد أنه مضاف في اللفظ ، والتقدير على ما وصفنا ثم ذكر ما أغنى عنه التفسير المتقدم.
ثم قال : فأما النكرة فلا يكون فيها إلا" الحسن وجها" تكون الألف واللام بدلا من التنوين.
__________________
(١) سورة آل عمران ، آية : ١٤٢.
(٢) ديوان طرفة ٤٨ ، الخزانة ٣ / ٤٨١.