يعني أنك إذا أدخلت الألف واللام في الصفة ، ونكّرت ما بعدها لم تجز إضافتها.
فإن قال قائل : فلم لا تجوز إضافة الصفة إلى نكرة في اللفظ ، وليست الإضافة فيه صحيحة ، فيقال : " الحسن وجه"؟ قيل له : ومن قبل أنا إذا أعطيناها لفظ الإضافة ـ وإن لم يكن معناها معنى الإضافة ـ لم يجز أن يكون لفظها خارجا عن لفظ الإضافة الصحيحة. لأنا سميناها بها ، وليس في شيء من الإضافات لفظا وحقيقة ما يكون المضاف معرفة ، والمضاف إليه نكرة فلم يحسن أن تقول : " مررت بزيد الحسن وجه" فيكون" الحسن" معرفة و" الوجه" نكرة ، فيجري على خلاف ألفاظ الإضافة التي سميناها بها.
فإن قال قائل فأنتم تقولون : " مررت بالحسن الوجه" فتضيفون ما فيه الألف واللام ، وليس ذلك في باب المضاف؟ فالجواب عن ذلك ، أنه غير مخالف لباب الإضافة ، وإن كان في المضاف الألف واللام ، وذلك من قبل أن المضاف قد يكون معرفة بالمضاف إليه ، إذا قلت : " غلام زيد" و" دار بكر" فالمضاف معرفة بالمضاف إليه ، والمضاف إليه معرفة بنفسه ، وقد صح أن المضاف قد يكون معرفة إذا كان المضاف إليه معرفة ، فغير مستنكر أن يكون في" الحسن" الألف واللام ، ويكون مضافا ، إذا كان التعريف والإضافة لا يتنافيان في اللفظ ، غير أن قولنا : " الحسن الوجه" ، لما لم يقع له التعريف بالإضافة كما وقع" لغلام زيد" أدخلوا ما يقع به لتعريف من الألف واللام ، مكان ما يقع من التعريف بالإضافة ، و" غلام زيد" وما بعده قد وقع تعريفه بزيد ، فلم يحتج إلى دخول الألف واللام ، " فالحسن الوجه" يشبه" غلام زيد" في هذا المعنى.
ومع هذا فإن الأصل دخول الألف واللام في الوجه ، وطرحهما استخفافا ، والشيء الذي هو الأصل أقوى وألزم ، فلما كان دخول الألف واللام مع الإضافة ، إنما هو ضرورة ، لم يتجاوز بها اللفظ الذي هو الأصل ، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
وقال سيبويه : بعد قوله : " تكون الألف واللام بدلا من التنوين".
لأنك لو قلت : " حديث عهد" أو" كريم أب" لم تخلل بالأول في شيء فيحتمل به الألف واللام ؛ لأنه على ما ينبغي أن يكون عليه".
" أما قوله : " فأما النكرة فلا يكون فيها إلا الحسن وجها"
يعني إذا كان الثاني نكرة وهو" وجها" والأول فيه الألف واللام ، لم تجز الإضافة ، ووجب نصب الثاني.