وجها" ، تنصبه على الحال من ضمير الثياب المتصل بخملتها ، كأنه قال : تعلو الخملة الثياب أكهب هدابا يصف أسدا ، و" النقّاد" : الراعي صاحب النّقد ، وهو ضرب من الغنم صغار ، فشبّه لون الأسد بثوب النقّاد ، والكهباء : الغبراء.
وقال أيضا :
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة |
|
محطوطة جدلت شنباء أنيابا (١) |
كأنه قال : نقية أنيابها ، المحطوطة : البراقة اللون المصقولة.
وقال عدي :
من حبيب أو أخي ثقة |
|
أو عدوّ شاحط دارا (٢) |
أراد : شاحط داره.
وقال سيبويه : " وقد جاء في الشعر حسنة وجهها ، شبهوه بحسنة الوجه ، وذلك رديء".
يعني أن من العرب من يقول : " زيد حسن وجهه" و" هند حسنة وجهها" ، فيضيف" حسن" إلى" الوجه" ، وفي الوجه ضمير يعود إلى الأول ، وذلك رديء ؛ من قبل أن في" حسن" ضميرا يرتفع به يعود إلى" زيد" ، فلا حاجة بنا إلى الضمير الذي في" الوجه" ؛ لأن الأصل : " كان زيد حسن وجهه" ، والهاء تعود إلى" زيد" ، فنقلنا هذه الهاء بعينها إلى" حسن" ، فجعلناها في حال رفع ، فاستكنّت فيه ، فلا معنى لإعادتها ، ولكن من أعادها ـ إن كان قد أعادها معيد ـ جعل الضمير مكان الألف واللام ، وبقي الضمير الأول على حاله مرفوعا ، وجعل للاسم الأول ضميرين يعودان إليه ، وصيّره كقولك : " زيد ضارب غلامه" ففي" ضارب" ضمير" يعود إليه مرفوع" وفي الغلام ضمير يعود إليه مجرور.
وأنشد سيبويه قول الشماخ استشهادا لحسنة وجهها :
أمن دمنتين عرّج الركب فيهما |
|
حقل الرّخامي قد عفا طللاهما (٣) |
أقامت على ربعيهما جارتا صفا |
|
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما |
__________________
(١) قائله أبو زيد بن حرملة بن المنذر الطائي العيني ٣ / ٥٩٣ ـ ابن يعيش ٦ / ٨٣ ، ٨٤.
(٢) قائله عدي بن زيد من دهاة الجاهليين من أهل الحيرة وكان شاعرا فصيحا يحسن العربية والفارسية الخزانة ١ / ١٨٤ ـ الأغاني ٢ / ٩٧ ـ الشعر والشعراء ٦٣.
(٣) ديوان الشماخ ٣٠٨ ـ الخصائص ٢ / ٤٢٠ ـ الخزانة ٢ / ١٩٨ والدرر ٢ / ١٣٢.