(وإن شئت ألغيت فيها ، فقلت : فيها عبد الله قائم) ، جعل قائم هو الخبر ، وجعل فيها لغوا.
(قال النابغة :
فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة |
|
من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع (١) |
ف (ناقع) خبر السم ، و (في) لغو.
(وقال الهذلي :
لا درّ درّي إن أطعمت نازلهم |
|
قرف الحتىّ وعندي البرّ مكنوز (٢) |
كأنك قلت : البرّ مكنوز عندي ، وعبد الله قائم فيها. فإذا نصبت القائم ، ف (فيها) قد حالت بين المبتدإ والقائم ، واستغنى به وحمل المبتدأ حين لم يكن القائم مبنيا عليه عمل هذا زيد قائما ، وإنما يجعل فيها إذا رفعت القائم مستقرا للقيام وموضعا له).
ومن كلام سيبويه : حتى كان للفظ موضع من كلام ثم دخل شيء صيّر له موقع الأول ، وصار للأول موقع غير موقعه الأول أن هذا الداخل قد حال بين الذي تغير موقعه وبين اللفظ الذي وقع الداخل منه موقع الأول ، فمنه ما قد مضى ومنه هذا ، وتمثيله أنك إذا قلت : عبد الله قائم ، فقائم خبر عبد الله ، فإن أدخلت فيها وبقّيت قائم على رفعه فإن فيها ما حالت بين شيئين وهي : مستقر للقيام ، وموضع له قدمتها على عبد الله أو وسطتها بين عبد الله وبين قائم أو أخرتها إلى آخر الكلام ، وإن جعلت فيها خبرا ل (عبد الله) فقد أوقعتها موقع قائم ، وقد بطل أن يكون (قائم) خبرا ل (عبد الله) لأنّ فيها قد حالت بينه وبين عبد الله أن يكون خبرا له ، وصار ل (قائم) موقع آخر من الكلام فاعتبر ذلك في جميع ما يقول سيبويه فيه أنه قد حال بينه وبين كذا إن شاء الله تعالى.
ولو قال قائل : في الدار زيد قائم ، لم يجز له أن يسكت على قوله : في الدار زيد ، كما لو قال : عبد الله زيد ضارب ، لم يجز له أن يسكت على : عبد الله زيد.
واستدل سيبويه ـ أيضا ـ على أن عبد الله لا يرتفع بالظرف إذا تقدم ؛ أنّا نقول : في
__________________
(١) ديوان النابغة / ٥١ ، شرح شواهد المغني / ٣٠٥.
(٢) البيت للمتنخل الهذلي ديوان الهذليين ٢ / ١٥ ، البيان والتبيين ١ / ١٧.