وأما قوله : (هذا رجل) ، فرجل مرفوع لأنه خبر مبتدإ ، وخبره معه ، فرفعاها من جهتين مختلفتين فلا يصحّ أن يكون : قائمان نعتا لهما ، لأن قائمان لفظ واحد لا يصلح أن يكون رفعا بنعت الابتداء وخبر المبتدإ ، فحمل على : معه رجل ، ونصب على الحال ، والاسمان اللذان منهما الحال :
أحدهما : الهاء في معه ، والآخر : رجل.
وقد تكون الحال من اسمين مختلفي الإعراب ، كقولك :
ضرب زيد عمرا قائمين ، قال الشاعر عنترة :
متى ما تلقني فردين ترجف |
|
روانف إليتيك وتستطارا (١) |
وفردين : حال من اسم الفاعل والمفعول في (تلقني)
ومثله :
تعلقت ليلى وهي ذات مؤصد |
|
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم |
صغيرين نرعى البهم يا ليت أنّنا |
|
إلى اليوم لم نكبر ولم يكبر البهم (٢) |
فصغيرين : حال من التاء في تعلقت ، وهي في موضع رفع ، ومن ليلى وهي في موضع نصب ، والهاء في معه ورجل تأويلهما تأويل فاعلين أو فاعل ومفعول ، لأنك إذا قلت : مع عمرو زيد ، فتأويله : اجتمعا أو جامع زيد عمرا ، ثم تكون الحال منهما على هذا التأويل أو يحمله على هذا ، فيكون على التنبيه فتقدير أتيت لهما قائمين أو الإشارة بمعنى : أسير إليهما قائمين.
وكذلك : مررت برجل مع امرأة في قولنا : مع امرأة ، ضمير مرفوع لرجل في النية لا علم له في اللفظ ، كما أنّ في قولنا : معه امرأة فيه ضمير مجرور وهو الهاء ، والمعنى : في الاجتماع واحد ، ومثل هذا الضمير قولك : مررت بقوم مع فلان أجمعون ، في مع فلان : ضمير مرفوع من قوم ، أجمعون توكيد له ، والنصب في قائمين كالنصب فيهما لو ابتدأت فقلت : معه امرأة قائمين أو معك أو مع زيد.
(ومما لا تجوز فيه الصفة : فوق الدار رجل ، وقد جئتكم برجل آخر) ، لأن
__________________
(١) ديوان عنترة / ١٠٨ ، الخزانة ٢ / ٢٠٠.
(٢) البيتان للمجنون ديوانه / ١٨٦ ، خزانة الأدب ٤ / ٢٣٠.