عن المذكر.
وسمى سيبويه في هذا الفصل ما لم يكن من الحيوان مواتا وإن كان في الحقيقة ليس من الحيوان ولا من الموات لمساواته الموات في اللفظ ، فقال :
(ومما جاء في القرآن من مساواته الموات في اللفظ فقال ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء نحو قوله جلّ وعز : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ)(١)) ، والموعظة ليست من الموات في الحقيقة ، قال : (وهو في الآدميين أقل منه في سائر الحيوان).
يعني : حذف التاء من مؤنث ما يعقل من الآدميين أقل من حذفها من سائر الحيوان ، لما ذكرنا من فضلهم في الخطاب وغيره. والجن في قياس الإنس : مؤنثهم ومذكرهم.
وقال آخر في جمع التذكير ، قال : (ألا ترى أن لهم في الجميع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأولون ، وأنهم قد فضلوا بما لم يفضل به غيرهم من العلم والعقل) وخلق الله ما يعقل لعبادته المؤدية لهم إلى منافعهم ، وخلق ما لا يعقل لمصالح ما يعقل ، فهم الأصل في الخلق والأولون.
واعلم أن الجموع المكسرة مؤنثة كلها يستوي في حكم اللفظ جميع المؤنث والمذكر وما يعقل وما لا يعقل.
وحكم اللفظ في تأنيثها حكم تأنيث الموات ، تقول :
رجل وهي الرجال ، وجمل وهي الجمال ، وعير وهي الأعيار ، فجرت هذه كلها مجرى هذه الجذوع لأنه قد خرج عن الواحد الأول الأمكن الذي يقع بالخلقة فيه الفرق بين المؤنث والمذكر ، وأجري كله مجرى الموات.
قالوا : جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك.
فلم تلزمه التاء كما لزمت : جاءت جاريتك ، وجاءت امرأتك ، وجاءت بنتك ، لأن هذا التأنيث الحادث لجمع التكسير غير التأنيث الحقيقي الذي كان في الواحد.
قال : (وقالوا فيما لم يكسر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع) يعني : نسوة في
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٥.