قوله : (وَقالَ نِسْوَةٌ)(١) وإن لم يكن لها واحد من لفظها ، والنسوة جمع ليس لها واحد من لفظها ، وهما مشتركان في جواز إسقاط تاء التأنيث منهما لما ذكرت لك.
فنسوة حكمها حكم الجمع ، كما أن لمّا كان معناها معنى الجمع جاز أن يرد لفظها على المعنى ، فيقال :
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(٢) ، وقوله : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ)(٣) يجوز أن يكون (الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٤) بدلا من الواو في : أسروا ، وأسروا : عطف على (اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)(٥) ، ويكون من لغة من قال :
قاموا إخوتك ، وأكلوني البراغيث.
(وقال الخليل : فعلى هذا المثال تجري هذه الصفات ، وكذلك شاب ، وشيخ ، وكهل ، إذا أردت : شابين وشيخين وكهلين).
(تقول : مررت برجل كهل أصحابه ، ومررت برجل شاب أبواه).
قال أبو سعيد : قد تقدم أن الصفة الجارية مجرى الفعل هي التي تجمع جمع السلامة ، كما أن الفعل يتصل به تثنية الضمير وجمعه ، فلذلك صار شاب أبواه على مذهب شابين وشيخين وكهلين ، أي مذهب : شبوا وشاخوا واكتهلوا ، وإذا تقدم الفعل وحّد ، واسم الفعل الموحد المقدم بمنزلة الفعل المقدم الموحد ، فإذا ثنيت شيئا من هذا أو جمعته فالوجه فيه أن ترفعه بالابتداء والخبر لأنك أخرجته عن مذهب بترك التوحيد ، فقلت : مررت برجل شبان أبواه كاهلون أصحابه ، تجعله بمنزلة قولك :
مررت برجل خزّ صفّته.
قال الخليل : ومن قال : أكلوني البراغيث ، أجرى هذا على أوله ، فقال : مررت برجل حسنين أبواه ، ومررت بقوم قرشيين آباؤهم.
قال أبو سعيد : لأن هذا مذهب الفعل عند أهل هذه اللغة.
قال سيبويه : (وكذلك نحو : أعور وأحمر ، تقول : مررت برجل أعور أبواه ،
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية : ٣٠.
(٢) سورة يونس ، الآية : ٤٢.
(٣) سورة الأنبياء ، الآية : ٣.
(٤) سورة الأنبياء ، الآية : ٣.
(٥) سورة الأنبياء ، الآية : ٢.