وإذا قيل : زيد قام هو ، فالضمير الذي قام في النية وهو توكيد له ، ومما يحتج لتوحيد الفعل من واحد كان أو من أكثر.
إنك تقول : أعجبني قيام القوم ، فيوحّد القيام ، وإن كان لجماعة إذ كان معناه معنى شيء واحد من الجماعة ، وكذلك : أعجبني قيام الرجلين ، وإذا كنّا نوحده للاثنين والجماعة ، وهو اسم تمكن تثنيته وجمعه فكيف إذا ثنيته على شيئين مختلفي المعنى؟
لأنك إذا قلت : قام دلت على قيام وزمان ماض غير محدد تعيينه ، فكيف يجوز أن تثنيه وأنت في الذي هو اسم يختار أن يبنى بلفظ الواحد عن جماعة؟
وقال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)(١) فوحد البغي وهو مضاف إلى جماعة ، وقال عزوجل : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا)(٢) ، فأضاف القول موحد إلى جماعة ، وإذا كان الفعل لمؤنث وهو مقدم ، فالتأنيث على ضربين :
أحدهما : تأنيث حقيقي.
والآخر : غير حقيقي.
فأمّا الحقيقي فهو أنثى كل نوع من الحيوان الذي فيه ذكر وأنثى ، كالمرأة في الناس ، والناقة في الإبل ، والأتان في الحمير ، فهذه الأشياء تأنيثها حقيقي لأنه لخلق فيها تبين بها من المذكر.
فهذا الضرب إذا تقدم فعله فكان ماضيا ، وردت في آخره تاء ساكنة لعلامة التأنيث ، وإذا كان مستقبلا جعلت حرف المضارعة تاء مكان الياء بغيرها ، فقلت : قامت هند ، وخرجت المرأة ، وماتت الناقة ، وولدت الأتان.
وفي المستقبل : تقوم هند ، وتخرج المرأة ، وتلد الأتان والشاه ، وما أشبهها.
ولا يحسن إسقاط علامة التأنيث ، وأقواها في ذلك مؤنث ما يعقل.
وأما التأنيث غير الحقيقي ، فهو ما كان تأنيثه وتذكيره واقعين على ما لا خلقة فيه فاصلة بين الذكر والأنثى ، كنحو : دار ، وقدر ، وعين ، وأذن ، وفخذ ، وما أشبه ذلك فإذا تقدم الفعل في هذا الضرب فالأصل الذي رتب اللفظ له إثبات علامة التأنيث كقولنا :
__________________
(١) سورة يونس ، الآية : ٢٣.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٧.