في عين الأخيرة اكتفاء بما تقدم من ذكر عينه ، وفصلوا بين الاسم المحتاج إلى ذكره ، ومثله : ما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه ، وما من أيام أحب إلى الله تعالى فيها الصوم في عشر ذي الحجة ، والأصل : أحبّ إلى الله تعالى فيها الصوم منه إليه في عشر ذي الحجة ، وأوقعوا على عشر ذي الحجة ، وهي في الأصل : واقعة على ضمير الصوم ، فالمعنى هو المعنى الأول ، وإن وقع هذا الحذف ، وقوله :
(والهاء في منه : هو الاسم الأول) الذي كني بذكره قبل الحذف على ما قد بيناه.
وقوله :
(ولا تخبر أنك فضلت بعض الأيام على بعض).
(والهاء في الأول هي للكحل) ، يعني في منه قبل الحذف (وإنما فضلت في هذا الموضع على نفسه في غير هذا الموضع ولم يرد أن يجعله أحسن من نفسه البتة ، قال الشاعر وهو : سحيم بن وثيل :
مررت على وادي السباع ولا أرى |
|
كوادي السباع حين يظلم واديا |
أقل به ركب أتوه تئية |
|
وأخوف إلا ما وقى الله ساريا (١) |
والمعنى : أقل به الركب تئية منهم به).
والهاء به الأولى ضمير واديا ، والهاء في به التي بعد ضمير وادي السباع ، وأتوه : نعت لركب ، وتئية في معنى لبث وتمكث ، كأنه قال : ولا أرى واديا أقل به مكثا وتلبّثا به الركب إذا أتوه منهم بوادي السباع ، فحذف منهم وبه كما تقول : أنت أفضل ، ولا تقول من أحد ، وتقول : الله أكبر ، ومعناه أكبر من كل شيء ، كما تقول : لا مال ولا تذكر لك ، ولا بد من تقديره وما يشبهه ، لأن مال يحتاج إلى خبر ومثل هذا كثير.
وما جعل في النكرة المجرورة في موضع نعته رفعا بالابتداء ، فهو في المعرفة رفع في موضع الحال منه قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ)(٢) إلى قوله : (وَمَماتُهُمْ)(٣) ، وقوله : (وتقول : مررت بعبد الله خير منه أبوه ، ومن أجراه على
__________________
(١) الخزانة ٣ / ٥٢١ ، سيبويه ١ / ٢٣٣.
(٢) سورة الجاثية ، الآية : ٢١.
(٣) سورة الجاثية ، الآية : ٢١.