مررت برجل مخالط بدنه إذا لم يكن سبب نصبه وترك إجرائه على الأول إلا الإضافة.
وفي بعض نسخ كتاب سيبويه : وذلك أن قوما ينصبون كل ما كان من ذا مضافا على كل حال ، فإن كان هذا من كلام سيبويه فهو أقوى في إلزامهم من القياس بكلام العرب ثم احتج لما ذهب إليه بعد تقويته بالقياس الذي ذكرناه بكلام العرب ، فقال :
(ولو أن هذا القياس لم تكن العرب الموثوق بعربيتها ، تقوله لم يلتفت إليه ولكنّا سمعناها تنشد هذا البيت جرا :
وارتشن حين أردن أن يرميننا |
|
نبلا مقذذة بغير قداح |
ونظرن من خلل الستور بأعين |
|
مرضى مخالطها السقام صحاح (١) |
وأنشد غير من العرب بيتا فأجروه هذا المجرى :
حمين العراقيب العصا وتركنه |
|
به نفس عال مخالطه بهر) (٢) |
فالشاهد من البيت الأول : خفض مخالطها ، ومن الثاني : رفع مخالطه أجروه على نفس عال ، وهذا من حجة من ينصب إذا كان مضافا.
ولمن خالف سيبويه في الصفة المضافة التي ليست للأول ، ولما التبس به في هذا الباب مذهبان :
أحدهما : مذهب عيسى بن عمر ، وهو أنه جعل ما في هذا الباب عملين.
أحدهما ـ عمل ثابت ليس فيه علاج يرونه نحو الآخذ واللازم والمخالط وما أشبهه.
والآخر ـ عمل فيه علاج نحو الضارب والكاسر ، وفتح اللفظ به فيه على ثلاثة أقسام ، فجعل ما كان من باب الصفات من باب الضارب والكاسر إذا لم يكن الاسم الأول الموصوف رفعا على كل حال ، كقولك : مررت برجل ضاربه عمرو ، ورأيت رجلا ضارب أبيه عمرو.
__________________
(١) البيتان لابن ميادة المري في ديوانه ص ١٠٠ ، الخزانة ٥ / ٢٤ ، الأغاني ٢ / ٢٨٤.
(٢) البيت للأخطل ديوانه / ١٩٨ ، الخزانة ٢ / ٢٩٤.