قال سيبويه : (ومما ينتصب لأنه حال وقع فيه الفعل بعت الشاء شاة ودرهما ، وقامرته درهما في درهم ، وبعت داري ذراعا بدرهم ، وبعت البرّ قفيزين بدرهم ، وأخذت منه زكاة ماله درهما لكل أربعين درهما ، وبينت له حسابه بابا بابا ، وتصدقت بمالي درهما).
قال أبو سعيد : هذه هي الأسماء المنصوبة هي حالات جعلت في موضع مسعرا ، فإذا قال : بعت الشاء شاة بدرهمين ، فالمعنى : بعت الشاء مسعرا على شاة بدرهم ، وجعلت الواو في معنى الباء فبطل خفض الدرهم وعطف على شاة ، فاقترن الدرهم والشاة فعطفت أحدهما على الآخر ، وإن كانت الشاة مثمنا والدرهم ثمنا ، وأما قامرته درهما في درهم فالمعنى : قامرته هذا الضرب من القمار ، والتقدير : قامرته بادلا درهما في درهم ، ثم جعل درهما في موضع الحال ، وهكذا بعته داري ذراعا بدرهم ، وبعت البر قفيزين بدرهم ، على معنى مسعرا بهذا السعر ، وأخذت منه زكاة ماله درهما لكل أربعين درهما ، فإنه قال : أخذت زكاة ماله فارضا أو مقدرا هذا الفرض ، والتقدير : وبينت له حسابه بابا بابا أي : مصنفا ومبوبا وتصدقت بمالي درهما درهما ، أي مفرقا هذا التفريق فأما صاحب الحال في هذا فإن الذي منه الحال في : بعت الشاء شاة ، ودرهما هو الشاء ، وأما في قامرته فيجوز أن يكون من الهاء ، ويجوز أن يكون منهما لأنهما بمعنى واحد ، ألا تراك تقول : تقامرنا درهما في درهم فتكون الحال من الاثنين ، أي : تقامرنا متقامرين هذا الضرب من القمار ، وقد يقول القائل : ضربت زيدا قائمين والمعنى : أنهما جميعا قائمان ومن بعت داري من الدار ومن بعت البر من البر ، وأما أخذت زكاة ماله فيجوز أن يكون من التاء ويجوز التقدير : فارضا هذا الفرض ويجوز أن يكون من الزكاة فتكون مفروضة هذا الفرض ، وأما بينت حسابه بابا بابا فيجوز أن يكون من التاء على معنى : مصنفا ومبوبا ، ومن تصدقت بمالي ، يجوز أن يكون من المال فيكون مفرقا ومن التاء فيكون مفرقا هذا الضرب من التصريف وقوله (فأما قول الناس :
كان البرقفيزين وكان السمن منوين ، فإنما استغنوا هاهنا عن ذكر الدرهم لما في صدورهم من علمه ، ولأن الدرهم هو الذي يسعر عليه) قال المفسر : فإنه يريد أنهم قد حذفوا الثمن في هذا لما عرف بعادة الناس في ذلك ؛ لأنهم قد اعتادوا الابتياع بثمن بعينه ، دراهم أو دنانير فتركوا ذكره اكتفاء بمعرفته ، كما يقال لنا : الخبز عشرة ، أي : عشرة