ومعرفة ، تقول : فعلته مخافة الشّرّ ، ومخافة ، وأن بني تميم يذهبون به
مذهب الحال لأن الحال لا تكون إلا نكرة ، فإذا قالوا : أما العلم فإنك عالم به ،
رفعوا العلم بالابتداء وكان التقدير : مهما يكن من شيء فالعلم أنا عالم ، ويقدّرون
أمّا النبل فهو نبيل ، أي نبيل به حتّى يكون فيه ، أي : في الجملة ما يعود إلى
الأوّل.
وأما إذا قالوا
: أمّا العلم فأنا عالم به ، فإن جعلت الأوّل غير الثاني نصبت الأوّل ، فالتقدير :
أما العلم فأنا عالم بزيد ، ونصبته على المصدر كأنّك قلت : مهما يكن من شيء فأنا
عالم بزيد العلم ، ثمّ قدمت العلم منصوبا على المصدر.
وقوله : إن
العلم الأوّل غير العلم الثاني ، فإنه يريد أنّ الإنسان قد يقول : فلان عالم
بالفقه أو بالنّحو ، فتكون منزلة الفقه من العلوم وإن كان عالما بمنزلة زيد في
قولك : هو عالم بزيد علما ، والعلم غير زيد ، جاز أن يقول : هو عالم بالفقه علما ،
والعلم غير الفقه ، ويكون المعنى فيه بعلمه وعلاجه فيصير قوله : أمّا العلم فأنا
عالم بالفقه ، أي : أعلمه علما ، كما تقول : أعلم زيدا علما ، وقوله بعد ذكره :
أمّا سمنا فسمين ، وعمل ما قبله فيما بعده فإنه يعني بما قبله : ما تتضمنه الجملة
التي تدلّ عليها أمّا ، كأنه قال : مهما يذكر زيد سمنا فهو سمين ، لأنه قد عمل في
سمين فنصبه.
وقوله : وعلى
هذا الباب فأجر جميع ما أجريته نكرة حالا إذا أدخلت فيه الألف واللام فإنه يريد أن
يكون مفعولا له إذا أدخلت الألف واللام فيه على مذهب أهل الحجاز ، وإذا رفعته على
مذهب بني تميم بالابتداء أو نصبته على مذهب الحجازيين.
فأمّا إنشاده :
ألا ليت شعري
هل إلى أمّ معقل
|
|
سبيل فأمّا
الصّبر عنها فلا صبرا
|
فإنّ الصبر
منصوب بما قبله من التقدير كأنّه قال : مهما ترم الصبر أو تذكر الصبر فلا صبر ،
وليس بعده ما يعمل فيه.
وبنو تميم
يقولون : أمّا الصبر عنها فلا صبر ؛ كما قالوا : أمّا العلم فعالم على إضمار الهاء
كأنه قال : فهو عالم به.
__________________