قال معاذ الله قال عياذا بالله فانتصب على أعوذ بالله عياذا ، ولكنّهم لم يظهروا الفعل ههنا كما لم يظهروا في الذي قبله.
وكأنه حين قال : عمرك الله وقعدك الله قال : عمّرتك الله ، بمنزلة نشدتك الله ، فصار عمرك منصوبة بعمّرتك كأنك قلت : عمّرتك عمرا ونشدتك نشدا ، ولكنهم خزلوا الفعل لأنهم جعلوه بدلا من اللّفظ به ، قال الشاعر :
عمّرتك الله إلّا ما ذكرت لنا |
|
هل كنت جارتنا أيّام ذي سلم (١) |
وقعدك يجري هذا المجرى وإن لم يكن له فعل ، كأن قولك عمرك الله ، وقعدك الله بمنزلة نشدك الله ولكن زعم الخليل أن هذا تمثيل يمثّل به ، قال الشاعر :
عمّرتك الله الجليل فإنّني |
|
ألوي عليك لو أنّ لبّك يهتدي (٢) |
والمصدر النّشدان والنّشدة).
قال أبو سعيد : أمّا سبحان فهو مصدر فعل لا يستعمل كأنه قال : سبّح سبحانا ، كما تقول : كفر كفرانا ، وشكر شكرانا ، ومعناه معنى التبرئة والبراءة ، ولم يتمكن في مواضع المصادر ؛ لأنه لا يأتي إلا مصدرا منصوبا مضافا وغير مضاف ، وإذا لم يضف ترك صرفه ، فقيل : سبحان من زيد ، أي : براءة من زيد ، كما قال :
أقول لمّا جاءني فخره |
|
سبحان من علقمة الفاخر (٣) |
وإنّما منع الصّرف لأنه معرفة وفي آخره ألف ونون زائدتان مثل : عثمان ونحوه.
فأما قولهم : سبّح يسبّح فهو فعل ورد على سبحان بعد أن ذكر وعرف ، ومعنى سبّح زيد ، أي : قال : سبحان الله ، كما تقول : بسمل إذا قال : بسم الله ، وقد يجيء في الشعر سبحان منونا كقول أمية :
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به |
|
وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد (٤) |
__________________
(١) البيت للأحوص : ديوانه : ١٩٩ ؛ خزانة الأدب ٢ : ١٣ ، ١٤.
(٢) المقتضب ٢ : ٣٢٩ ؛ خزانة الأدب ٢ : ١٥ ، ٣ : ١٣٢.
(٣) البيت للأعشى الكبير ميمون بن قيس : ديوانه : ١٤٣ ؛ أساس البلاغة ١ : ٤١٨ ؛ الخصائص ٢ : ٤٣٧ ؛ خزانة الأدب ١ : ١٨٥ ، ٧ : ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٨.
(٤) البيت لأمية بن أبي الصلت : ديوانه : ٣٠ ، خزانة الأدب ٣ : ٣٨٨ ، ٧ : ٢٣٤ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤٣.