مستطيعا حال النذر ، وكانت حجة النذر مطلقة (١) ، أو مقيدة (٢) بزمان متأخر عن
______________________________________________________
ـ دون أن يزاحمها المنذور لأنه متأخر ، وإن كان النذر مقيّدا بسنة الاستطاعة ، فأرسل صاحب الجواهر بطلان النذر ، إلا أن يقصد حال النذر أنه إذا زالت الاستطاعة فيحج حج النذر فإنه يصح ، ونسب إلى المدارك صحة النذر وإن لم يقصد بشرط عدم تحقق الاستطاعة ، وهو ظاهر الروضة هنا ، حملا للنذر على الوجه المصحح ، ودليل البطلان أنه نذر في عام الاستطاعة غير حجة الإسلام فيبطل لأنه منهي عنه بسبب الأمر بامتثال حجة الإسلام ، نعم اتفق الجميع على أن الاستطاعة لو استمرت فالنذر باطل لأنه نذر ما لا يصح شرعا بعد الأمر بالتوجه لحجة الاسلام.
الصورة الثالثة : فيما لم تكن الاستطاعة موجودة والنذر مطلق ، ثم حصلت الاستطاعة فتقدم حجة الإسلام ، لأن وجوبها فوري بخلاف حجة النذر فإنه يجوز تأخيرها ما لم تصل إلى حد التهاون ، وكذا لو كان النذر مقيدا بعد ثلاث سنين مثلا ثم حصلت الاستطاعة في سنته أو في السنة الأولى أو الثانية فتجب حجة الإسلام وتقدم لفوريتها ، والنذر إنما يكون في سنته.
الصورة الرابعة : فيما لم تكن الاستطاعة والنذر مقيد بهذه السنة ثم حصلت الاستطاعة قبل فعل النذر ، قدمت حجة النذر على حجة الإسلام لأن استطاعة حج الإسلام غير تامة ، لأنه ممنوع بالنذر ، والنذر مانع شرعي ، والمانع الشرعي كالعقلي ، نعم إذا امتثل حجة النذر وبقيت الاستطاعة البدنية والمالية إلى العام المقبل فتجب حجة الإسلام وإلا فلا.
والحكم في هذه الصور الأربع منسوب إلى ظاهر الأصحاب كما في الجواهر. ولم يخالف إلا الشهيد في الدروس فقد اعتبر في حج النذر الاستطاعة الشرعية لا العقلية ، وعليه فلو نذر الحج ثم استطاع صرف ذلك إلى النذر وإن كان مطلقا ولا تكون حجة الإسلام ثابتة أصلا ، ويظهر الفرق بين قوله وقول المشهور في الصورة الثالثة فعلى المشهور تقدم حجة الإسلام وعلى قوله تقدم حجة النذر.
ويرده : أن الاستطاعة في الحج المنذور وفي غيره من الواجبات هي مراعاة التمكن من الفعل وهذا ما يسمى بالاستطاعة العقلية ، والاستطاعة الشرعية لم تثبت إلا للحج وعليه ففي الصورة الثالثة يكفي مراعاة التمكن من الفعل ليصح النذر وبعد ثبوت الاستطاعة الشرعية فيثبت حج الإسلام ويقع التزاحم بين المضيق وهو حجة الإسلام وبين الموسع وهو حج النذر فلا بد من تقديم المضيق.
(١) الصورة الأولى.
(٢) الصورة الثالثة.