نادرا وفي ظروف يشعرون فيها بضعف الحاكمين من الاشراف وقياسا على هذا كان نفوذ الاتراك يضيق مداه ويتسع بنسبة قوة الحكم من الاشراف او ضعفه.
ولسنا ندعي ونحن في صدد واردات الحجاز ان الاموال التي كانت تجبيها خزانة العثمانيين يصح ان يقال انها تغطي نفقاتها او تعود بربح فائض لخزانة الدولة بل كان الامر بالعكس تماما فقد كانت الدولة تنفق على مرتبات الامراء وذويهم من الاشراف ورؤساء القبائل وكبار العلماء وأعيان البلاد والموظفين ما يزيد مجموعه عن مجموع الواردات اضعافا (١) ولكن العثمانيين كانوا مع هذا هم الرابحون بفرض سيادتهم على ولاية الحجاز ورجوعهم بفخر خدمة الحرمين الشريفين واستئثارهم بالسلطة فيها
ويبدو انهم كانوا يشعرون بكثير من الصعوبة في اخضاع هذا القطر خضوع غيره من الولايات لبعد المسافة بينهم وبينه ولا عتداد بعض اشرافه بأنفسهم واعتمادهم على عصبياتهم ، ولفوضى قبائله التي تنتشر بين وديان سحيقة وجبال متيعة وأسواق قاسية لا يحتملها جلد الجندي العثماني لهذا كانوا يقنعون منه بما وجدوا من الطاعة وكانوا يدعمون هذه الطاعة بأموالهم وما ينفقون فيه. اكثر مما يدعمونها بقوة السلاح فكانت مرتباتهم من غلال القمح تصل الى كل بيت في الحرمين وكانت معاشاتهم مبذولة تضم كثيرا من طبقات الامة وكان ذوات البلاد واشرافها يجدون من المناصب العالية في بلاد العثمانيين ما يقصر عنها غيرهم وقد ترك ذلك أثره في مقدرات البلاد على مر السنين وشعر الناس في الحرمين انهم باتوا يعيشون في كنف ال عثمان ويجدون من برهم ما يغنيهم عن
__________________
(١) كان مقرر العثمانيين من ايجار كل جمل يسافر للمدينة ريال مجيدي واحد والى جدة ربع مجيدي وكانوا يسمونه كوشان وكان للاشراف كوشان اقل من هذا.