وشرع يزداد عدد الموظفين الذين يتولون مناصب المال ثم شؤون البريد ونظارة السوق واعمال الاوقاف وغيرها وما وافى العهد العثماني الاول على نهايته حوالي عام ١٢١٧ حتى كانت مكة قد الحقت نهائيا بالعجلة التركية واصبحت ولاية تابعة لها في جميع مرافقها السياسية والاجتماعية.
ولا أجرأ على لوم العثمانيين فيما فعلوا فالناس في كل زمان هم الناس في آمالهم الطامحة وأنانيتهم الجامحة وغرامهم بالاستئثار فاي لوم يستحقه العثمانيون اذا فعلوا في سبيل مصالحهم ما فعله ويفعله كل قوي أقلته الأرض.
الذنب في رأي كان ذنب أصحاب البلاد الذين ساعدوا بتخاذلهم وتأخرهم على اغراء العثمانيين بامتلاكهم فبعد ان كانت علاقة اجدادهم السياسية لا تتعدى الدعاء وتأييد الامارة وحماية الثغر في جدة استطاعوا بسبب تنافسهم على مقعد الحكم ان يمهدوا لصديقهم القوي طريق التدخل في مقدرات بلادهم الى آخر بند فيها.
على انني لا اريد ان ابعد في هذا اللوم كثيرا لان فلسفة الذنوب والجرائم لا تقرني على ارتجال الاحكام دون ان اتدبر ما يحيطها من ظروف وأمعن فيما يلابسها من مهيآت.
فأصحاب مكة الذين أعنيهم وهم امراؤها من الاشراف قضوا حياتهم فيها متنابذين متناجزين لا يكاد يغمد سيف من سيوفهم حتى تشرع في وجه صاحبه سيوف ولا يكاد يظفر بالغلبة بينهم ثائر حتى يناجزه ثوار جدد يثيرونها عليه حربا عوانا.