وعندما نذكر أهل الحل والعقد في مكة نرجو ألا يتبادر الى الذهن المعنى الواسع لذلك لأن المفروض أن أصحاب الحل والعقد لم يكونوا سوى أشراف مكة من أقرباء الحاكم وقد كتب الأشراف نتيجة اختيارهم الى الباب العثماني فأقرهم على ما اختاروا ، وكان ادريس مهابا وكان له من العبيد ما يزيد على أربعمائة ومن الأتباع العرب جمع كثير.
وكان أخوه فهيد لا يقل عنه وجاهة وأتباعا وكان اذا جلس وقف الترك عن يمينه وشماله وكان قد اتخذ من رماة البنادق عددا كبيرا وكان لا يحفظ أتباعه من النهب والسرقة فكثر ضررهم فكان ذلك سببا للخلاف بينه وبين ادريس وقد يضاف إلى ذلك ظهور فهيد بالمظهر الذي يضاهي به أخاه من حيث الوجاهة وحب التنافس كما قد يضاف سبب ثالث يتلخص في أن فهيدا أراد أن يستعمل لرئاسة الفتوى الشيخ أكمل القطبي فلم يوافقه ادريس على ذلك فاشتد الخلاف (١).
ويبدو أن ادريس من الشخصيات التي تفرض وجودها على من حولها وكان مسموعا (٢) فقد ذكروا أن ادريس كان قد اختلف قبل هذا مع ابن أخيه محسن وتركه يخرج الى اليمن مغاضبا وعندما ظهر له أن الاتفاق مستحيل بينه وبين أخيه فهيد بعد محسن. بدا له أن يصلح ما بينه وبين محسن فكتب اليه يسترضيه ويستدعيه ليحل محل أخيه فهيد لقاء ربع المتحصل من غلة البلادوأن يكون لادريس باقي الغلة فقبل محسن ذلك وعاد إلى مكة في عام ١٠١٩ وبعودته غادرها فهيد الى بلاد الترك حيث التجأ بالعثمانيين. ولكن العثمانيين أبوا أن يتدخلوا في الأمر
__________________
(١) خلاصة الكلام ٦٢.
(٢) افادة الأنام للشيخ عبد الله غازي «مخطوط».