فعلوا ذلك بمناسبة هذه الهوشة فاتصل الخبر بأمير الحج المصري قبل أن يتصل بأصحاب الحكم فرأى أن دفع ضريبة الأمن لا يتفق مع حركات النهب وكأنه أراد أن يؤدب أصحاب الفتنة بسيفه بدلا من أن يحيل الأمر الى صاحب مكة فتطور الحال وتفاقمت حوادثه وانطلق العسكر المصري خلف أصحاب الفتنة فهرب المكيون في الجبال وانطلق معهم جماعة من البدو وسيطر المماليك بقوة سلاحهم وسطا أمير الحج المصري على جماعة من البدو فقدمهم قربانا عوضا عن البدن التي كان يريد أن ينحرها (١).
ولعل حادث الفتنة في هذا الموسم بالاضافة الى اصرار رميثة وحميضة على فرض المكوس ترك أثره في حجاج الشام ومصر وأوغر صدر سلطان المماليك الناصر محمد بن قلاوون فأسرها في نفسه .. وبدأت المواسم التالية قليلة المحصول لقلة الوارد من الشام ومصر وانقطاع العراقيين من سنوات وظل الأمر على حاله تقريبا الى أن رأى الملك الناصر أن يضرب رميثة وحميضة بأخيهما أبي الغيث فأعد عدته للحج وخرج بنفسه على رأس مائة فارس وستة آلاف مملوك على الهجين في عام ٧١٢ فاحتل مكة بعد أن اجلى رميثة وحميضة وولى مكانهما أبا الغيث.
ويبدو أن الأشراف في مكة وكثيرا من سكانها البدو والحاضرة كانوا أميل الى رميثة وحميضة منهم الى أبي الغيث لهذا ما كاد يستقر الأمر لأبي الغيث بسلاح الملك الناصر حتى استأنف الأهالي مناوأته فعانى كثيرا في حكمهم طوال عامي
__________________
(١) شفاء الغرام للفاسي ٢ / ٢٤٣ وقد اختلفت الروايات عنده فى تاريخ وقوعها بين سنة ٧٠٥ وسنة ٧٠٧. ويقول صاحب درر الفوائد المنظمة انها كانت سنة ٧٠٥ ه