وفي الحديث : «ما رؤي إبليس يوما أصغر ولا أدحر ولا أغيظ من يوم عرفة ، لما راى من نزول الرحمة ، إلّا ما رؤي يوم بدر».
(وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) يجوز أن يكون من كلامه ، وأن يكون مستأنفا.
(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) بالمدينة (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) والّذين لم يطمئنّوا إلى الإيمان بعد ، وبقي في قلوبهم شكّ وشبهة في الإسلام. وقيل : هم المشركون. وقيل : المنافقون. والعطف لتغاير الوصفين.
(غَرَّ هؤُلاءِ) يعنون المؤمنين (دِينُهُمْ) أي : اغترّوا بدينهم ، وأنّهم ينصرون من أجله ، حتّى تعرّضوا لما لا يديّ (١) لهم به ، فخرجوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف.
ثمّ قال جوابا لهم : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) في أموره (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب لا يذلّ من استجار به وإن قلّ ، فيسلّط القليل الضعيف على الكثير القويّ. (حَكِيمٌ) يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل ويعجز عن إدراكه.
(وَلَوْ تَرى) ولو رأيت ، فإنّ «لو» تجعل المضارع ماضيا عكس «إن» (إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) ببدر. و «إذ» ظرف «ترى» والمفعول محذوف ، أي : ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ. و «الملائكة» فاعل «يتوفّى». ويدلّ عليه قراءة ابن عامر بالتاء.
ويجوز أن يكون الفاعل ضميرا لله ، وقوله : «الملائكة» مبتدأ خبره : (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) والجملة حال من (الَّذِينَ كَفَرُوا) واستغني فيه بالضمير عن الواو. وهو على الأوّل حال منهم ، أو من الملائكة ، أو منهما ، لاشتماله على الضميرين.
__________________
(١) يديّ ويديّ جمع اليد ، وجمع الجمع الأيادي ، يقال : لا يدين لك بهذا ، أي : لا قوّة ولا طاقة لك به.