التنقّص. فقال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال : نعم ، قال شاعرنا أبو كبير يصف ناقته :
تخوّف الرحل منها تامكا قردا |
|
كما تخوّف عود النبعة (١) السّفن |
فقال : عليكم بديوانكم لا تضلّوا. قالوا : وما ديواننا؟ قال : شعر الجاهليّة ، فإنّ فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠))
(فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث لا يعاجلكم بالعقوبة مع استحقاقكم.
ثمّ بيّن دلائل قدرته ، فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ) أو لم ينظر هؤلاء الكفّار الّذين جحدوا وحدانيّته وكذّبوا نبيّه. والهمزة للإنكار ، أي : قد رأو أمثال هذه الصنائع ، فما بالهم لم يتفكّروا فيها ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه؟! و «ما» موصولة مبهمة بيانها.
(مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) أي : أولم ينظروا إلى المخلوقات الّتي لها ظلال
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «النبعة : الشجرة الّتي تتّخذ منها أخشاب القوس. منه».
والتامك : سنام البعير المرتفع. والقرد : الذي أكله القراد من كثرة أسفارها. والسفن : المبرد الحديد الذي ينحت به الخشب. والمعنى : تنقّص رحلها سنامها المرتفع الذي تنقب من كثرة السفر ، كما تنقّص المبرد عود النبعة.