(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يعني : إنّما يقدر على إكراههم واضطرارهم إلى الإيمان هو سبحانه لا أنت. وإيلاء حرف الاستفهام للإعلام بأنّ الإكراه ممكن مقدور عليه ، وإنّما المكره هو وحده لا يشارك فيه ، لأنّه هو القادر على أن يفعل في قلوبهم ما يضطرّون عنده إلى الإيمان ، وذلك غير مستطاع للبشر.
روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان حريصا على إيمان قومه ، شديد الاهتمام به ، فنزلت هذه الآية.
(وَما كانَ لِنَفْسٍ) من النفوس الّتي علم الله أنّها تؤمن (أَنْ تُؤْمِنَ) بالله (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي : بتسهيله ومنح الطافه وتوفيقه وتمكينه منه ، ودعائه إليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ) العذاب أو الخذلان ، فإنّه سببه (عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات عنادا ولجاجا.
قابل الإذن بالرّجس وهو الخذلان ، والنفس المعلوم إيمانها بالّذين لا يعقلون ، وهم المصرّون على الكفر ، كقوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١).
(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣))
ثمّ بيّن سبحانه ما يزيد في تنبيه القوم وإرشادهم ، فقال : (قُلِ انْظُرُوا
__________________
(١) البقرة : ١٧١.