(لِتَعْلَمُوا) به وبمنازله (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) أي : حساب الأوقات من الأشهر والأيّام في معاملاتكم وتصرّفاتكم.
(ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ) أي : المذكور (إِلَّا) ملتبسا (بِالْحَقِ) الّذي هو الحكمة البالغة ، ولم يخلقه عبثا (يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فإنّهم المنتفعون بالتأمّل فيها.
وقرأ ابن كثير والبصريّان وحفص : يفصّل بالياء.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من أنواع الكائنات فيهما (لَآياتٍ) على وجود الصانع ووحدته ، وكمال علمه وقدرته (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) العواقب. وخصّهم لأنّهم يحذرون العاقبة ، فيدعوهم ذلك إلى النظر والتأمّل.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨))
ثمّ إنّه سبحانه أوعد الغافلين عن الأدلّة المتقدّمة المكذّبين بالمعاد ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) لا يتوقّعون جزاءنا ، لإنكارهم البعث ، وذهولهم بالمحسوسات عمّا وراءها (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) من الآخرة ، لغفلتهم عنها ، واختاروا القليل الفاني على الكثير الباقي (وَاطْمَأَنُّوا بِها) وسكنوا إليها ، مقصّرين هممهم على لذائذها وزخارفها. أو سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها. (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) لا يتفكّرون فيها ، لانهماكهم فيما يضادّها.
والعطف إمّا لتغاير الوصفين ، والتنبيه على أنّ الوعيد على الجمع بين الذهول عن الآيات والانهماك في الشهوات ، بحيث لا تخطر الآخرة ببالهم أصلا. وإمّا لتغاير الفريقين ، فإنّ المراد بالأوّلين من أنكر البعث ولم ير إلّا الحياة الدنيا ، وبالآخرين من ألهاه حبّ العاجل عن التأمّل في الآجل والإعداد له.