مسيرهم. وهو كلّ منفرج بين جبال وآكام يكون منفذا للسيل. وهو في الأصل اسم فاعل من : ودى إذا سال ، فشاع بمعنى الأرض ، أي : ولا يسيرون أرضا في ذهابهم ومجيئهم (إِلَّا كُتِبَ) أثبت ذلك (لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ) متعلّق بـ «كتب» أي : أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء بذلك (أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أحسن جزاء أعمالهم.
(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢))
ولمّا تقدّم الترغيب في الجهاد بأبلغ أسباب الترغيب ، وتأنيب من تخلّف عنه بأبلغ أسباب التأنيب ، بيّن موضع الرخصة في تأخّر من تأخّر عنه ، فقال : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) اللام لتأكيد النفي ، أي : وما استقام لهم أن ينفروا جميعا لنحو غزو أو طلب علم ، كما لا يستقيم أن يتثبّطوا جميعا ، فإنّه يخلّ بأمر المعاش وانتظام العالم غالبا. ولو صحّ وأمكن خروج الجميع ولم يؤدّ إلى مفسدة لوجب على الكافّة ، لأنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم.
(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) فهلّا نفر من كلّ جماعة كثيرة ـ كقبيلة أو أهل بلدة ـ جماعة قليلة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) ليتكلّفوا الفقاهة فيه ، ويتحمّلوا مشاقّ تحصيلها (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) وليجعلوا غاية سعيهم ومعظم غرضهم من الفقاهة إرشاد القوم وإنذارهم. وتخصيصه بالذكر لأنّه أهمّ. وفيه دليل على أنّ التفقّه والتذكير من فروض الكفاية ، وأنّه ينبغي أن يكون غرض المتعلّم فيه أن يستقيم ويقيم ، لا الترفّع على الناس ، والتبسّط في البلاد ، والترأّس فيهم ، والتشبّه بالظلمة في ملابسهم ومراكبهم. (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) إرادة أن يحذروا عمّا ينذرون منه.
واستدلّ به على أنّ أخبار الآحاد حجّة ، لأنّ عموم كلّ فرقة يقتضي أن ينفر