عليه ، من أنّه مطّلع على أحوالهم وأفعالهم ، لا يخفى عليه خافية ، ووعيدهم بأنّه معاقبهم على قليله وكثيره لا محالة. أو خطاب لكلّ من توهّم غفلته ، جهلا بصفاته ، واغترارا بإمهاله.
(إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) يؤخّر عذابهم. وعن أبي عمرو بالنون. (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي : تشخص فيه أبصارهم ، فلا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى في ذلك اليوم.
(مُهْطِعِينَ) مسرعين في المحشر إلى الداعي. وقيل : الإهطاع أن تقبل ببصرك على ما ترى ، تديم النظر إليه لا تطرف. فالمعنى : مقبلين بأبصارهم لا يطرفون هيبة وخوفا ، فإنّ أصل الكلمة هو الإقبال على الشيء.
(مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) رافعيها (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) لا ترجع إليهم أعينهم ، فلا يغمضونها ولا يطبقونها ، بل بقيت عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان. أو لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم.
(وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) خلاء. أي : خالية عن الفهم ، كفؤاد ذي الحيرة والدهشة ، ومنه يقال للأحمق وللجبان : قلبه هواء ، أي : لا رأي فيه ولا قوّة. وقيل : خالية عن الخير ، خاوية عن الحقّ.
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥))