آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩))
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا) أي : اتّخذا مباءة ومرجعا ، كقولك :
توطّنه ، إذا اتّخذه وطنا (لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً) تسكنون فيها ، أو ترجعون إليها للعبادة (وَاجْعَلُوا) أنتما وقومكما (بُيُوتَكُمْ) تلك البيوت (قِبْلَةً) مصلّى. وقيل : مساجد متوجّهة نحو القبلة ، لما روي أنّه دخل موسى مصر بعد ما أهلك الله فرعون ، أمروا باتّخاذ مساجد يذكر فيها اسم الله تعالى ، وأن يجعلوا مساجدهم نحو القبلة ، يعني : الكعبة ، وكان موسى ومن معه يصلّون إلى الكعبة. وقيل : معناه. اجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضا. (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فيها ، وداوموا على فعلها في البيوت.
وعن ابن عبّاس : إنّ فرعون أمر بتخريب مساجد بني إسرائيل ومنعهم من الصلاة ، فأمروا أن يتّخذوا مساجد في بيوتهم يصلّون فيها خوفا من فرعون ، وذلك قوله : (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي : صلّوا في بيوتكم لتأمنوا من الخوف. وهذا القول أنسب لسوق كلام ما قبله وما بعده.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بالنصرة في الدنيا والجنّة في العقبى. ثنّى الضمير أوّلا لأنّ التبوّء للقوم واتّخاذ المعابد ممّا يتعاطاه رؤوس القوم بتشاور. ثم جمع لأنّ جعل البيوت مساجد والصلاة فيها ممّا ينبغي أن يفعله كلّ أحد. ثمّ وحّد لأنّ