(رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) أي : واستجب دعائي ، أو وتقبّل عبادتي ، فإنّ قبول الدعاء إنما هو الاجابة ، وقبول الطاعة الإثابة.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) في هذا دلالة على أنّ أبويه لم يكونا كافرين ، وإنّما كان آزر عمّه أو جدّه لأمّه على الخلاف ، لأنّه سأل المغفرة لهما يوم القيامة ، فلو كانا كافرين لما سأل ذلك ، لأنّه قال : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) (١).
ومن قال : إنّما دعا لأبيه لأنّه كان وعده أن يسلم ، فلمّا مات على الكفر تبرّأ منه ، على ما روي عن الحسن ، فقول فاسد ، لأنّ إبراهيم عليهالسلام إنّما دعا بهذا الدعاء بعد الكبر ، وبعد أن وهب له إسماعيل وإسحاق ، وقد تبيّن له في هذا الوقت عداوة أبيه الكافر لله ، فلا يجوز أن يقصده بدعائه.
(وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي : يثبت. مستعار من قيام القائم على الرجل ، كقولهم : قامت الحرب على ساقها. أو يقوم إليه أهله ، فحذف المضاف ، أو أسند إليه قيامهم مجازا.
(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣))
ولمّا ذكر سبحانه يوم الحساب بيّن أنّه لا يمهل الظالمين عن غفلة من أفعالهم القبيحة ، لكن لتأكيد الحجّة ، فقال وعيدا للظالم وتسلية للمظلوم : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) خطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. والمراد به تثبيته على ما هو
__________________
(١) التوبة : ١١٤.