(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧))
ولمّا تقدّم ذكر الوعد والوعيد أخبر سبحانه عن حال المتّقين والكافرين في الدنيا ، فقال : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يعني : المسلمين من أهل الكتاب ، كابن سلام وأصحابه ، ومن آمن من النصارى ، وهم ثمانون رجلا : أربعون بنجران ، وثمانية باليمن ، واثنان وثلاثون بالحبشة. أو عامّتهم ، فإنّهم كانوا يفرحون بما يوافق كتبهم.
(وَمِنَ الْأَحْزابِ) يعني : كفرتهم الّذين تحزّبوا على عداوة رسول الله ، ككعب بن الأشرف وأصحابه والسيّد والعاقب وأشياعهما (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) وهو ما يخالف شرائعهم ، أو ما يوافق لما حرّفوه منها ، فإنّ الأقاصيص والأحكام الّتي هي ثابتة في كتبهم لا ينكرونها.
(قُلْ) في جواب المنكرين (إِنَّما أُمِرْتُ) فيما أنزل إليّ (أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) بأن أعبد الله وأوحّده. وهو العمدة في الدين ، ولا سبيل لكم إلى إنكاره.
وأمّا ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم ، فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الإلهيّة في جزئيّات الأحكام.
(إِلَيْهِ أَدْعُوا) لا إلى غيره (وَإِلَيْهِ مَآبِ) وإليه مرجعي للجزاء ، لا إلى غيره.
وهذا هو القدر المتّفق عليه بين الأنبياء ، وأما ما عدا ذلك من التفاريع فممّا يختلف