رسولا إليه أن لا يمكّنه إخوته من الوصول إليه.
وقال المرتضى قدسسره : «يجوز أن يكون ذلك ليوسف ممكنا ، وكان عليه قادرا ، لكن الله سبحانه أوحى إليه بأن يعدل عن اطّلاعه على خبره تشديدا للمحنة عليه ، ولله سبحانه أن يصعب التكليف وأن يسهّله» (١).
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨))
ولمّا قال يعقوب لبنيه : (اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) رجعوا إلى مصر رجعة ثانية (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ) على يوسف (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) الهزال من شدّة الجوع. شكوا إلى يوسف ما نالهم من القحط وهلاك المواشي. (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) رديئة أو قليلة ، تردّ وتدفع رغبة عنها ، من : أزجيته إذا دفعته ، ومنه تزجية الزمان. قيل : كانت دراهم زيوفا (٢) لا تنفق في ثمن الطعام. وقيل : صوفا وسمنا. وقيل : الصنوبر والحبّة الخضراء. وقيل : الأقط (٣) وسويق المقل.
(فَأَوْفِ) فأتمم (لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بالمسامحة وقبول المزجاة ، والإغماض عن رداءته ، أو بالزيادة على ما يساويها. وقيل : بردّ أخينا. (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أحسن الجزاء. والتصدّق التفضّل مطلقا. ومنه قوله عليهالسلام في القصر (٤) : «هذه صدقة تصدّق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته». لكنّه اختصّ عرفا
__________________
(١) تنزيه الأنبياء : ٥٧.
(٢) الزيوف جمع الزائف ، وهو : الدرهم الرديء المردود الذي دخله غشّ.
(٣) الأقط : الجبن.
(٤) أي : في قصر الصلاة في السفر.