(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا) دافعون عنّا (مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) «من» الأولى للبيان واقعة موقع الحال ، والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول ، أي : بعض الشيء الّذي هو عذاب الله. ويجوز أن تكونا للتبعيض ، أي : بعض شيء هو بعض عذاب الله. والإعراب ما سبق. ويحتمل أن تكون الأولى مفعولا والثانية مصدرا ، أي : فهل أنتم مغنون عنّا بعض العذاب بعض الإغناء.
(قالُوا) أي : الّذين استكبروا جوابا عن معاتبة الأتباع ، واعتذارا عمّا فعلوا بهم (لَوْ هَدانَا اللهُ) للإيمان (لَهَدَيْناكُمْ) ولكن ضللنا فأضللناكم ، أي : اخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا. وهذا كقوله تعالى : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (١). (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) (٢). يقولون ذلك في الآخرة ، كما كانوا يقولون ذلك في الدنيا. أو لو هدانا الله طريق النجاة من العذاب لهديناكم وأغنيناه عنكم ، وسلكنا بكم طريق النجاة ، وانقطعت حيلتنا ويئسنا من النجاة ، ولكن سدّ دوننا طريق النجاة.
(سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا) مستويان علينا الجزع والصبر. فالهمزة و «أم» للتسوية. ونحوه (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) (٣). (ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ) أي : منجى ومهرب من العذاب. من الحيص ، وهو العدول على جهة الفرار. وهو يحتمل أن يكون مكانا كالمبيت والمضيف ، ومصدرا كالمغيب والمشيب. ويجوز أن يكون قوله : (سَواءٌ عَلَيْنا) من كلام الفريقين. ويؤيّده ما روي أنّهم يقولون : تعالوا نجزع ، فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم ، فيقولون : تعالوا نصبر ، فيصبرون كذلك ، ثمّ يقولون : سواء علينا.
__________________
(١) الأنعام : ١٤٨.
(٢) النحل : ٣٥.
(٣) الطور : ١٦.