(وَمِنْ قَبْلُ) أي : ومن قبل ذلك الوقت (كانُوا يَعْمَلُونَ
السَّيِّئاتِ) الفواحش مع الذكور ، فتمرّنوها ولم يستحيوا منها ، حتّى
جاؤا يهرعون لها مجاهرين.
(قالَ يا قَوْمِ
هؤُلاءِ بَناتِي) فتزوّجوهنّ. وكانوا يطلبونهنّ قبل فلا يجيبهم ، لخبثهم
وعدم كفاءتهم ، لا لحرمة المسلمات على الكفّار كما قيل ، فإنّه شرع مجدّد في
الإسلام. وكذا كان أيضا في مبدأ الإسلام ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم زوّج ابنتيه من عتبة بن أبي لهب وأبي العاص بن الربيع
قبل أن يسلما وهما كافران ، ثمّ نسخ ذلك.
أو مبالغة في
تناهي خبث ما يرومونه ، حتّى إنّ ذلك أهون منه. أو إظهار لشدّة غيظه من ذلك كي
يرقّوا له. وقيل : المراد بالبنات نساء قومه ، فإنّ كلّ نبيّ أبو أمته من حيث
الشفقة والتربية.
(هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) أنظف فعلا ، وأحلّ عملا. وهذا مثل قولك : الميتة أطيب
من المغصوب وأحلّ منه ، ولا يلزم أن يكون في المغصوب طيب وحلّية. فالأطهر بمعنى
كثير النزاهة والطيب في نفسه.
(فَاتَّقُوا اللهَ) في مواقعة الذكران ، أو بترك جميع الفواحش (وَلا تُخْزُونِ) ولا تفضحوني ، من الخزي. أو ولا تخجلوني ، من الخزاية
بمعنى الحياء. (فِي ضَيْفِي) في شأن أضيافي ، فإنّ إخزاء ضيف الرجل إخزاؤه (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) أي : في جملتكم رجل واحد يهتدي إلى سبيل الرشد وفعل
الجميل ، والكفّ عن القبيح.
(قالُوا لَقَدْ
عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) من حاجة ، لأنّ نكاح الإناث أمر خارج من مذهبنا الّذي
نحن عليه ، فإنّا نرغب عن نكاح الإناث بنكاح الذكران (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ
ما نُرِيدُ) وهو إتيان الذكران.
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً) أي : لو قويت بنفسي على دفعكم (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلى قويّ أتمنّع به عنكم. شبّهه بركن الجبل في شدّته
ومنعته. قال جبرئيل