الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لولا أنزل عليه آية من ربّه ، مع كثرة آياته من ربّه ومعجزاته. (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا) بتاركي عبادتهم (عَنْ قَوْلِكَ) صادرين عن قولك. حال من الضمير في «تاركي». (وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) إقناط له من الإجابة والتصديق.
وفي المجمع : «إنّما حملهم على دفع البيّنة مع ظهورها أشياء ، منها : تقليد الآباء والرؤساء. ومنها : اتّهامهم لمن جاء بها ، حيث لم ينظروا فيها نظر تأمّل.
ومنها : أنّه دخلت عليهم الشبهة في صحّتها. ومنها : اعتقادهم لأصول فاسدة دعتهم إلى جحدها. وإنّما حملهم على عبادة الأوثان أشياء ، منها : اعتقادهم أن عبادتها تقرّبهم إلى الله زلفى. ومنها : أن الشيطان ربما ألقى إليهم أنّ عبادتها تحظيهم في الدنيا. ومنها : أنّهم ربما اعتقدوا مذهب المشبّهة ، فاتّخذوا الأوثان على صورته عندهم فعبدوها» (١).
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ) ما نقول إلّا قولنا : اعتراك ، أي : أصابك ، من : عراه يعروه إذا أصابه (بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) بجنون ، لسبّك إيّاها وصدّك عن عبادتها ، ومن ذلك تهذي وتتكلّم بالخرافات. والجملة مقول القول ، وإلّا لغو ، لأنّ الاستثناء مفرّغ ، أي : ما نقول شيئا إلّا قولنا : اعتراك بعض آلهتنا بسوء.
(قالَ إِنِّي) أي : أجاب عن مقالتهم الحمقاء بأنّي (أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ) أي : أشهد الله على براءتي من آلهتكم وفراغي عن إضراركم ، تأكيدا لذلك وتثبيتا له. وأمرهم بأن يشهدوا عليه استهانة بدينهم ، وقلّة مبالاة بهم.
قال (فَكِيدُونِي جَمِيعاً) أي : اجتمعوا على الكيد في إهلاكي (ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) لا تمهلوني ، فإنّي لا ابالي بكم وبكيدكم. وإنّما قال : «واشهدوا» ولم يقل : وأشهدكم على طبق «أشهد الله» ، لأنّ إشهاد الله على البراءة من الشرك إشهاد
__________________
(١) مجمع البيان ٥ : ١٧٠.