عددهم وعدّتهم. والشوكة الحدّة ، مستعارة من واحدة الشوك.
(وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَ) أن يثبته ، أي : يعزّ الإسلام ويعليه (بِكَلِماتِهِ) بآياته المنزلة في محاربتهم ، أو بأوامره للملائكة بالإمداد (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) باستئصالهم وقتلهم وأسرهم وطرحهم في قليب بدر. والدابر : الآخر ، من : دبر إذا أدبر. وقطع الدابر عبارة عن الاستئصال.
والمعنى : أنّكم تريدون الفائدة العاجلة ، ولا تريدون مكروها ، والله يريد ما يرجع إلى علوّ أمور الدين وإظهار الحقّ ، وما يحصل لكم من فوز الدارين ، فشتّان ما بين المرادين ، ولذلك اختار لكم الطائفة ذات الشوكة ، وكسر قوّتهم ، وغلّبكم عليهم مع كثرتهم وقلّتكم ، فأذلّهم وأعزّكم.
(لِيُحِقَّ الْحَقَ) متعلّق بمحذوف ، تقديره : فعل ذلك لتثبيت دين الحقّ (وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) أي : الشرك. وليس بتكرير ، لأنّ الأوّل لبيان المراد ، وما بينه وبين مرادهم من التفاوت ، والثاني لبيان الداعي إلى حمل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على اختيار ذات الشوكة ونصرتهم عليها (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) ذلك.
روي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نظر إلى المشركين وهم ألف ، وإلى أصحابه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، فاستقبل القبلة ومدّ يده وقال : اللهمّ أنجز لي ما وعدتني ، اللهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف كذلك حتّى سقط رداؤه من منكبيه ، فأنزل الله تعالى : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) وهذا بدل من «إذ يعدكم» ، أو متعلّق بقوله : «ليحقّ الحقّ» ، أو على إضمار «اذكر».
وقيل : استغاثتهم أنّهم لمّا علموا أن لا محيص عن القتال أخذوا يقولون : أي ربّ انصرنا على عدوّك ، أغثنا يا غياث المستغيثين.
(فَاسْتَجابَ لَكُمْ) فأغاثكم وأجاب دعوتكم (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) بأنّي ممدّكم ، فحذف الجارّ وسلّط عليه الفعل.
وقرأ أبو عمرو بالكسر (١) على إرادة القول ، أو إجراء «استجاب» مجرى
__________________
(١) أي : بكسر : إنّ.