إذا اجتمع شروط التأثير وفقد موانعه ، وبدون أحدهما كان سبباً تامّاً وهو المقتضي القابل لمقارنة فقد بعض شروط التأثير أو فقد بعض موانعه كما هو المعنى المصطلح عليه الاصولي. وأمّا تبيّن كونه تامّاً بالإجازة فهو أوّل المسألة ، لأنّ الإجازة تكشف عن لحوق الرضا الّذي هو من الشروط لا عن مقارنة الرضا فيصير تامّاً عند الإجازة لتأخّر شرط تأثيره ، ومعه كيف يعقل حصول الأثر قبله ، فلا يلزم منه كون ما يجب الوفاء به هو العقد مع شيء آخر بل إنّما يكون الوفاء بالعقد الجامع لشروط التأثير الّذي تحقّق اجتماعه بلحوق الرضا المكشوف عنه بالإجازة خاصّة.
وأضعف من البيان المذكور للدليل تقريره «بأنّ العقد الواقع جامع لجميع الشروط ، وكلّها حاصلة إلّا رضى المالك فإذا حصل بالإجازة عمل السبب عمله (١) فإنّ الاعتراف بكون الرضى شرطاً مع الاعتراف بعدم مقارنته العقد اعتراف بكون الإجازة الكاشفة عن تأخّر حصول الشرط عن العقد ناقلة لاستحالة تقدّم المشروط على الشرط.
ودعوى : أنّ الشروط الشرعيّة ليست كالشروط العقليّة بل هي بحسب ما يقتضيه جعل الشارع ، فقد يجعل الشارع ما يشبه تقديم المسبّب على السبب كغسل الجمعة يوم الخميس وإعطاء الفطرة قبل وقته ، فضلاً عن تقديم المشروط على شرطه كغسل الفجر بعد الفجر لصوم المستحاضة ، وغسل العشاءين لصوم اليوم الماضي على القول به. يدفعها : بأنّ استحالة تقدّم المشروط على الشرط إذا كانت عقليّة فلا يتفاوت فيها الحال بين الشروط العقليّة والشروط الشرعيّة. وما ذكر بالنسبة إلى الشروط يشبه بأن يقال : إنّ التناقض الشرعي بين الشيئين لا يمنع من اجتماعهما ، لأنّ النقيض الشرعي ليس كالنقيض العقلي. وهو كما ترى.
وأمّا الاستشهاد للجواز بالأمثلة المذكورة حتّى بالنسبة إلى المسبّب والسبب الشرعيين ، ففيه المنع من تقديم المسبّب على السبب في المثالين الأوّلين ، ثمّ المنع من تقديم المشروط على الشرط في المثالين الآخرين.
أمّا سند المنع في أوّل المثالين الأوّلين ، فلأنّ غسل يوم الخميس لخائف طروء
__________________
(١) قرّره الشهيد في الروضة ٣ : ٢٢٩.