هنا أمراً عدميّاً هو المؤثّر في الوجود ، واحتياج الممكن إلى المؤثّر لا يلازم كون المؤثّر أمراً وجوديّاً حتّى يلزم وجود الصانع الواجب وجوده عندكم.
والجواب عنه تارةً : بالنقض بالقبول الّذي هو أيضاً جزء للسبب ، وجزؤه الآخر الإيجاب الّذي هو حال القبول معدوم ، بل بالجزء الآخر من القبول الّذي عنده يحصل الملكيّة وقد انعدم سائر أجزائه مع الإيجاب ، لكون التلفّظ بالصيغة من الامور السيّالة فيوجد حرفاً فحرفاً.
واخرى : بالحلّ فإنّ معنى امتناع تأثير المعدوم في الموجود امتناع كون المعدوم علّة تامّة للوجود ، وعليه مبنى إثبات الصانع لا امتناع كونه جزء من العلّة كيف وقد أطبق المحقّقون من الفقهاء والاصوليّين على كون عدم المانع كالشرط جزء من العلّة ، ومعنى جزئيّته أنّ له مدخليّة في وجود المعلول كالشرط ولا امتناع فيه ، والعقد على النقل جزء للسب لا أنّه علّة تامّة. وقد يقال أيضاً بناءً على عدم كون العلل الشرعيّة كالعلل العقليّة بل هي معرّفات بجواز أن يجعل الشارع الأمر العدمي مناطاً للتأثير في الوجود ، فتأمّل.
الثاني : ما عنه أيضاً من أنّه لو كانت الإجازة ناقلة لزم وقوع القبول بأيّ لفظ يكون ، واللازم باطل لأنّه لا يقع إلّا بألفاظ مخصوصة فكذا الملزوم. وكأنّه ذكره قبالاً لمن يظهر منه جعل الإجازة بمنزلة القبول ، فجوابه حينئذٍ أنّ هذا القول فاسد في نفسه ، والدليل لا يرد على من يجعلها شرطاً.
الثالث : ما عن جامع المقاصد والروضة (١) من «أنّ العقد سبب تامّ في الملك ، لعموم قوله تعالى : «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢) وتمامه في الفضولي إنّما يعلم بالإجازة ، فإذا أجاز تبيّن كونه تامّاً يوجب ترتّب الملك عليه ، وإلّا لزم أن لا يكون الوفاء بالعقد خاصّة بل به مع شيء آخر» (٣).
وفيه : أنّه إن اريد من العقد مجموع الإيجاب والقبول ومن كونه سبباً تامّاً كونه علّة تامّة للملك على ما هو المعنى المصطلح عليه عند أهل المعقول ، فانّما يسلّم كونه كذلك
__________________
(١) الروضة ٣ : ٢٢٩.
(٢) المائدة : ١.
(٣) جامع المقاصد ٤ : ٧٤ ـ ٧٥.