وأمّا تعلّقه على الوجه الثالث : فممّا لا شاهد عليه في الروايات فلا يلتفت إلى احتماله.
وتوهّم : وروده على هذا الوجه من حديث الدنانير المصبوبة حيث قال عليهالسلام : ـ فيه بعد كسر الدينار المغشوش ـ «القه في البالوعة حتّى لا يباع بشيء فيه غشّ» (١) لعود ضمير «لا يباع» إلى ذلك الدينار المغشوش.
يدفعه أوّلاً : عدم كون هذه الرواية بظاهرها معمولاً بها ، لعدم وجوب الكسر ولا الإلقاء في البالوعة. ولو سلّم فأقصى ما فيها من الدلالة إنّما هو الأمر بالإلقاء في البالوعة لا النهي عن البيع ولا ملازمة بينهما ، ولو سلّم النهي أيضاً فقصارى ما فيه حرمة البيع ، وأمّا أنّه لكونه غشّاً أو لكونه بيعاً للمغشوش فلا دلالة فيها على أحدهما صراحةً ولا ظهوراً ، فيكون بالقياس إلى الوجه الثاني مجملة. على أنّه بعد الكسر قد ظهر ما خفي فيه من الغشّ ، وقد عرفت عدم الحرمة حينئذٍ.
وأمّا كلام المحقّق الثاني وبناؤه الفساد على مسألة تغليب الاسم ففيه : أنّ الأقوى والأصحّ في مسألة تعارض الاسم والإشارة نوعاً وإن كان تغليب الاسم أخذاً بما هو الظاهر المنساق من العبارة في متفاهم العرف ـ من كون قصد المتعاقدين إلى العنوان الواقع اسمه على الشخص الخارجي وهو المشار إليه الحاضر كالحمار في المثال المتقدّم فيكون وقوع الإشارة وجريان العقد عليه على الخطأ والاشتباه ، فالمقصود بالذات في نحو المثال إنّما هو بيع الفرس وشراؤه ـ إلّا أنّ اسمه لم يصادف مصداقه بل صادف مصداق غيره ممّا ليس مقصوداً بالذات ، فيفسد العقد لأنّ ما قصد لم يقع العقد عليه وما وقع العقد عليه لم يقصد.
وأمّا إدراج ما نحن فيه من الغشّ بإجراء العقد على المغشوش كاللبن المشوب ونحوه في عنوان هذه المسألة فليس على ما ينبغي ، إذ لا تعارض فيه بين الاسم والإشارة بل هما متطابقان ، ضرورة أنّ مقصود البائع والمشتري بالبيع إنّما هو اللبن وله بحسب الخارج مصداقان صحيح وهو الخالص ، ومعيب وهو المشوب ، والاسم صادق عليهما حقيقة ، إذ المفروض عدم كون الخلط والشوب بحيث أخرجه عن اللبنيّة وإلّا
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢٨١ / ٥ ، ب ٨٦ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٦٠ / ٣.