الفساد لعدم وقوع ما قصد.
ومنشأ الإشكال اشتباه الدلالة اللفظيّة لهذه العبارة ونظائرها ، وتحقيق المقام مبنيّ على النظر في تشخيص المنهيّ عنه ومتعلّق الحرمة هل هو الغشّ للبيع كما هو صريح قوله : «نهى النبيّ أن يشاب اللبن بالماء للبيع» (١) وهو أيضاً ظاهر حديثي المناهي وعقاب الأعمال بل ظاهر حديث زينب العطّارة ، أو هو البيع لكونه غشّاً كما هو مقتضى حديث هشام بن الحكم في بيع السابري في الظلال ، أو هو بيع المغشوش كما عليه مبنيّ قول الأردبيلي؟
ودلالة النهي على فساد المعاملة إنّما يسلّم على هذا التقدير ، لكون البيع حينئذٍ من المنهيّ عنه لنفسه فيفيد النهي إمّا شرطيّة الخلوص أو مانعيّة الخلط ، وأيّاً ما كان فهو يفيد الفساد باعتبار انتفاء شرط الصحّة أو وجود مانع الصحّة على قياس ما هو الحال في النهي عن بيع الأعيان النجسة المقتضي لشرطيّة الطهارة الأصليّة في المبيع أو مانعيّة النجاسة الذاتيّة فيه عن الصحّة ، وكذلك النهي عن بيع المغصوب المقتضي لشرطيّة المملوكيّة أو مانعيّة المغصوبيّة.
وأمّا على الوجهين الأوّلين : فلا يقتضي النهي المفروض فيهما فساد المعاملة ، أمّا على الوجه الأوّل فلأنّ النهي متعلّق بالغشّ للبيع وهو لا يستلزم حرمة البيع فضلاً عن فساده ، نظير النهي عن الكذب للبيع.
وأمّا على الوجه الثاني : فلأنّ النهي متعلّق بالبيع لأمر خارج أعمّ منه من وجه متّحد معه في الوجود ، نظير المكالمة مع الأجنبيّة المنهيّ عنها المتّحدة مع البيع بالصيغة معها ، ومثل هذا النهي لا يوجب فساد البيع لعدم كونه من المنهيّ لنفسه ولا لجزئه ولا لشرطه ولا لوصفه اللازم ، ولقد عرفت أنّ قضيّة طائفة من أخبار الباب تعلّق النهي بالغشّ على الوجه الأوّل أو على الوجه الثاني ، فيحمل على أحدهما مطلقات الأخبار كقوله : «ليس من المسلمين من غشّهم» (٢) و «من غشّ الناس فليس منّا» (٣) وما أشبه ذلك.
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٢٨٠ / ٤ ب ٨٦ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٦٠ / ٥.
(٢) الوسائل ١٧ : ٢٧٩ / ٢ ، ب ٨٦ ما يكتسب به ، الكافي ٥ : ١٦ / ٢.
(٣) الوسائل ١٧ : ٢٨٣ / ١١ ، ب ٨٦ ما يكتسب به ، عقاب الأعمال : ٣٣٤.