ز ـ ان الذي يظهر من تتبع الاخبار خصوصا ما ورد في تراجم الغلاة ، وما ذكروه في مقالات أرباب المذاهب ، وصريح التوقيع المتقدم : أن الغلاة لا يرون تكليفا ، ولا يعتقدون عبادة ، بل ولا حلالا ، ولا حراما ، وقد مرّ في ترجمة محمّد بن سنان انه لما سأل الحسين بن احمد عن احمد بن هليل الكرخي ، أخبرني عمّا يقال في محمّد بن سنان من أمر الغلوّ ، قال : معاذ الله ، هو والله علّمني الطهور ، وحبس العيال ، وكان متقشفا متعبّدا (١).
فيظهر منه : انه لا يجتمع الغلوّ والعبادة وتعليمها ، وإذا راجعت الكافي والتهذيب تجد لسهل من أوّل كتاب الطهارة الى كتاب الديات في أكثر الأبواب خبرا أو أزيد فيما يتعلّق بأحكام الدين أكثرها سديدة مقبولة ، وأخذها المشايخ عنه وضبطوها في الجوامع مثل الكافي الذي ذكر في أوّله ما ذكر (٢) ومع ذلك كلّه كيف يجوز نسبة الغلوّ اليه.
ح ـ انّ حجيّة قول أحمد (٣) في هذا المقام ان كان لحصول الظن به فيدخل في الظنون الرجالية التي بنوا على العمل بها ، فهو موهون في المقام بما مرّ وبخطئه كثيرا في أمثال هذه الموارد ، وبما صدر منه من التجسس المنهي ، وكتمان الشهادة سيّما في أمر الإمامة من أهمّ أمور الدين لمجرّد العصبية ، وهي عثرة لم يقدر العلماء إلى الان على جبرها (٤) ، أولم يكفه ما فعل ان نسكت عنه حتى نرمي الأعاظم بسهمه وهو مكسور ، ونضربهم بسيفه وهو مكلول؟! ولعمري لو عدّ
__________________
(١) تقدم في الجزء الرابع ضمن الرمز : كو وبرقم : ٢٦ بعد قوله : ثالثا ، فراجع.
(٢) اشارة منه الى ما جاء في مقدمة الكافي ١ : ٧ : ويأخذ منه ـ أي الكافي ـ من يريد علم الدين والعمل بالإشارة الصحيحة عن الصادقين عليهمالسلام. إلى آخره.
(٣) أي أحمد بن محمد بن عيسى كما تقدم وسيأتي أيضا.
(٤) أقول : أشار المصنف لهذه الهفوة بما تقدم في هذه الفائدة ، صحيفة : ٧٠٤ وقال هناك : الا انهم جبروها بما تقدم عليها وتأخر منهم. إلى آخره ، وبينا ما يريد بالهفوة في الهامش / ٤ من الصحيفة المذكورة ، وسيأتي ذكرها بعد قليل ، فلاحظ.