باله لم ينظّمه نسقاً واحداً ، ويتّبع كلّ فن منه فناً؟ فأجبته : بأنّ أمره ( رضي الله عنه ) كان أشهر وأدلّ من أن يغبي عذره في ذلك ; إذ كان حلس فرسه ، وضجيع سيفه ليلاً ونهاراً ; لإحياء دين الله.
ثمّ قال : فخشيت إذ ذاك أن يفزع إليه ذو النازلة ، أو يرومه باغي الفائدة ، فتغبى عنه فائدته ; إذ هو طلبها في كتابه ، أو تأمّلها في فنّها المعبّر عنها ، فيظنّ أنّ مؤلّفها ( رضي الله عنه ) أغفلها تاركاً ، وأطرحها من تصنيفه جانباً ، فألحقت كلّ فنّ ببابه ، وأتبعت كلّ فرع بأصله ، مع أنّي مازدت في ذلك حرفاً ، ولا نقصت من معناه شيئاً ، وأنّى ذلك (١).
قال علي بن بلال ( القرن الرابع ) في تكملة المصابيح : وله كتب ومصنّفات في الدين والشرع ، منها : كتابه الجامع المسمّى كتاب الأحكام في الحلال والحرام والسنن والأحكام ، قد ضمّنه ما يحتاج إليه في أصول الدين وشرايع الإسلام ، وما أعلم لأحد من بيت أهل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً في الفقه أجمع وأكثر فايدة منه (٢).
قال الهاروني ( ٤٢١ هـ ) في الإفادة : ومن أحبّ أن يعرف تفصيله فلينظر في كتبه وأجوبته عن المسائل التي سئل عنها ، ووردت عليه من البلدان نحو كتاب الأحكام.
ثمّ قال : وكان ( عليه السلام ) ابتدأ بتأليف كتاب الأحكام بالمدينة ، ولمّا انتهى إلى باب البيوع اتّفق خروجه إلى اليمن واشتغاله بالحروب ، فكان يملي بعد البيوع على كاتب له ، كلّما تفرّغ من الحرب ، وكان قد همّ بأن يفرّع ويكثر من
____________
١ ـ الأحكام في الحلال والحرام ١ : ٢٧ ـ ٢٨ ، مقدّمة جامع الكتاب ومرتّبه ، وانظر أيضاً : طبقات الزيديّة الكبرى القسم الثاني ، الطبقة الثانية : ٤٢٠.
٢ ـ المصابيح من أخبار المصطفى والمرتضى والأئمّة : ٣٦٣.