وأما ما قيل : ان ظاهر هذا الخبر أنهم كانوا بحضرته عليهالسلام جماعة ولم يعين أحداً منهم للامامة ولا خصه بالامر والحث. فمدفوع ، بأن الظاهر منه أن المخاطب بهذا الكلام انما كان زرارة ، لانه كان من أجلاء أصحابه عليهالسلام وفقهائهم ، وهو الذي قال فيه عليهالسلام : لو لا زرارة لظننت أن أحاديث أبي ستذهب.
وانما أنى بصيغة الجمع وأشرك غيره في الحث ، لانهم أيضاً كانوا محثوثين بفعلها بأن يأتموا به ، لان فعلها لا يتم الا جماعة ، يدل على ذلك قوله « فقلت نغدو عليك » وهذا مثل ما اذا أراد واحد منا أن يحث جماعة على فعل ، فيحض واحداً منهم اذا كان له عنده قدر ومرتبة بالخطاب ، فيقول : افعلوا كذا وكذا ، وانما يريد أن يكون المخاطب باعثهم على ذلك واماماً لهم فيه ، ويكون غيره معيناً له عليه ومقتدياً به فيه ، وهذا أمر بين متداول معروف في المحاورات والمتعارفات.
سلمنا ذلك لكن أي مانع من كون كل واحد من المخاطبين صالحاً لان يكون نائباً من قبله عليهالسلام ، ومنصوباً لان يكون اماماً لصلاة الجمعة ، فانهم كانوا صلحاء فقهاء فضلاء علماء حلماء أتقياء أصدقاء صواحب سره عليهالسلام ، لا بد لنفيه من دليل ، مع أنه يحتمل أن يكون معنى قوله عليهالسلام « انما عنيت عندكم » أنه أنا آتيكم غداً ، لانه بمعنى ما قصدت الا عندكم ، وهو كما يحتمل أن يكون المراد منه أنه عليهالسلام قد فوض فعلها اليه ، كذلك يحتمل أن يكون المراد منه أنه عليهالسلام يباشره بنفسه النفيسة ، لكن عندهم لعلة باعثة على ذلك ، وهو عليهالسلام أعلم بما هو الاصلح بحاله وحال رعيته وشيعته ، فيفعل بهم ما يشاء ويأمرهم ما يريد.
على أنها بظاهرها تدل على جواز تركها أحياناً ، فان الظاهر من قوله « حثنا حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه » أنهم يأتونه عليهالسلام لفعلها ولا يفعلونها فيما بينهم أيضاً ، فتدل على التخيير.