مرت اليه اشارة اجمالية ، فذكر وتفكر.
نعم طريقة الاستدلال وضوابط العربية تخصانه بالصلاة المذكور قبله ، وقد علم أن المتبادر منها هو الصلاة المذكورة في سائر الايات.
نعم لو كان ورد نص في أن المخالفين في عهده صلىاللهعليهوآله كانوا متثاقلين في ذهابهم الى صلاة الجمعة ، فنزلت حثاً لهم على ذلك وترغيباً ، لكان لما ذكروه وجه ، وليس فليس ، هذا ما عندنا والعلم عند الله وعند أهله.
قال قدسسره : وقال سبحانه ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ) (١) وقد فسر الذكر هنا أيضاً بصلاة الجمعة ، فسماها الله تعالى ذكراً في السورتين ، وأمر بها في احداهما ، ونهى عن تركها والاهمال بها والاشتغال عنها في الاخرى. وندب الى قراءتهما فيها : اما وجوباً ، أو استحباباً ليتذكر السامعون مواقع الامر والنهي ، وموارد الفضل والخسران ، حثاً عليها وتأكيداً للتذكر (٢) بها ، ومثل هذا لا يوجد في غيره من الفروض ، فان الاوامر بها مطلقة مجملة غالباً ، خالية عن هذا التأكيد والتصريح بالخصوص (٣).
أقول : وبالله التوفيق هذه الآية كاختها السابقة واللاحقة ، بل لا دلالة فيها على ما رامه المستدل أصلا. وأما ما ذكره في ذيلها ، فهو من قبيل الموعظة والنصيحة اللتين هما من دأب هؤلاء القائلين بالوجوب العيني ، وليس فيه ما يصلح للاستدلال أو يطمئن به البال ، بل لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا يأمن من خوف.
مع أنه كلام قلد فيه الشيخ الحسين بن عبد الصمد الحارثي ، فانه قال في
__________________
(١) سورة المنافقون : ٩.
(٢) في المصدر : للذكر.
(٣) الشهاب الثاقب ص ١٦.