فلو كان الشيخ ومن سبقه أو لحقه فهموا العموم من الخبر وكانوا قائلين به ، لكان لهم أن يقولوا في جوابه انها اختهم من امهم وأبيهم ، فان علاقة الرضاعة كعلاقة القرابة ، وكيف يصح القول بأن الشيخ كان قائلا بعمومه على الوجه الذي قال به صاحب الرسالة؟ مع قوله بأن التحريم متعلق بالمرتضع وحده ، وتصريحه في النهاية بما ينافي عمومه على هذا الوجه واستدلاله على التحريم والنشر بأحاديث المنزلة وروايته في التهذيب رواية تنافي عمومه المذكور من غير تأويل ، وقد قال صاحب الرسالة : انه دليل اعتماده عليها ، الى غير ذلك من التصريحات والتلويحات الدالة على عدم قوله بعمومه على هذا الوجه.
وبالجملة ما وجدنا لهذا العموم الذي ادعاه عيناً ولا أثراً في كلام أحد من المتقدمين والمتأخرين بل وفي كلامهم ما يشعر بخلافه كما نبهناك عليه ، وكفاك في هذا شاهداً ورود هذا الخبر الموثق الصريح في خلافه ، ومثله كلام الشيخ في النهاية ، كما مرت اليه الاشارة.
أقول : ومما قررناه ونقلناه آنفاً وسالفاً يظهر لك حال ما أفاده في الرسالة بقوله الرابع أنه مخالف للاخبار التي تنبئ وتبتني على ابقاء الخبر المتقدم على عمومه من غير معارض شرعي.
كصحيحة علي بن مهزيار قال : سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني عليهالسلام عن امرأة أرضعت لي صبياً ، فهل بحل لي أن أنزوج بنت زوجها؟ فقال لي : ما أجود ما سألت ، من هنا يؤتى أن يقول الناس حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل هذا هو لبن الفحل لا غيره ، فقلت له : ان الجارية ليست بنت المرأة التي أرضعت هي بنت غيرها ، فقال عليهالسلام : لو كن عشراً متفرقات ما حل لك منهن شيء هن بمنزلة بناتك (١).
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٧ / ٣٢٠ ، ح ٢٨.