الا أن يقال : انه كان للتقية ، وهو خلاف الظاهر ، كيف لا؟ وحثه عليهالسلام اياهم على فعلها ينافي التقية ، لان الحث على ترك الواجب وهو التقية وفعل الحرام وهو الجمعة على هذا التقدير حرام قبيح ينافي منصب الامامة والعصمة ، والقول بأنه عليهالسلام حثهم عليه مهما أمكن خلاف الظاهر ، بل ليس له عين ولا أثر في هذا الخبر.
وكيف يمكن القول بالتقية في موثقة عبد الملك الاتية ، فانها لو كانت محمولة عليها لكان له أن يقول في جواب عتابه (١) عليهالسلام انما لم أصلها للتقية والخوف من المخالفين ، مع أن التقية غير مناسب لقوله عليهالسلام في جوابه لما قال كيف أصنع؟ : صلوا جماعة ، وهو ظاهر.
وظاهر أن هذا اذن صريح منه عليهالسلام لعبد الملك بخصوصه على فعلها اماماً ، حيث لم يكن له شريك في هذا العتاب ، بقرينة قوله « مثلك يهلك » وانما أتى بخطاب الجمع تغليباً للحاضر على الغائب ، وتصريحاً بأن فعلها انما يتم جماعة ، كما مر نظير ذلك في توجيه رواية زرارة.
وأما القول بأنه لا خلاف في وجوبها وقت حضوره عليهالسلام ، فمدفوع بأن ذلك انما يكون اذا كان على وجه السلطنة والاستيلاء والا فلا.
وبالجملة الظاهر من الخبرين الاذن أو التخيير على الاحتمالين عند
__________________
(١) هذا معارضة معهم حيث قالوا : لو كان الاذن شرطاً فيها ، لكان لعبد الملك أن يقول في جواب عتاب الامام عليهالسلام له مقتدراً : انما لم أصلها لانك لم تأذن لى ، مع أنه يمكن أن يقال أيضاً : انه عليهالسلام كان قد أذن له في فعلها ، لكن على وجه التخيير لعدم الاستيلاء والسلطنة ، فلما تهاون فيه مع تمكنه عليه عاتبه عليه وحثه على فعلها ثانياً ، ولذلك لم يعتذر بعدم الاذن ، ويدل عليه أن العتاب بدون سابقة اذن ورخصة وأمر على فعلها مما لا وجه له ، فتأمل « منه ».