وإنْ أهانني ) ، وتركيبها ، هو : أنّ ( هبني ) فعل أمر بمعنى : اجعلني واحسبني ، وكلاهما مترادفان في المعنى بحسب ظاهر عبارته سلّمه الله تعالى وهو بحسب النظر لا يصلح نسبته له عليهالسلام ، لأنّ التماسه من العزيز الكريم أنْ يجعله صابراً على حرّ النار ، لا يخلو من أحد أمرين :
إمّا أنْ يكون عالماً من نفسه أنّه مستحقٌّ لها ، أو مشكّك في الاستحقاق وعدمه ، وتعقيبه الكلام بكيف الاستنكاريّة المصدّرة بفاء الجزاء لا معنى له ؛ إذ المستحقّ للنار أو المشكّك في استحقاقه لها لا يستنكر من فراق الله وبعده عن رحمته ؛ لاستحالة اجتماع الأضداد أيناً ومكاناً.
وتقديره سلّمه الله ـ : فإنْ جعلتني صابراً .. الى آخره ، بعد قول الإمام عليهالسلام : « فاجعلني صابراً على حرّ نارك » (١) كأنه من باب تعديل لكلام الإمام عليهالسلام وتحسينه لقصره عن البلاغة والفصاحة ؛ وهذا ممّا لا يليق بشأنه. فما برح السؤال في الإشكال.
وأمّا ( إنْ ) في المثل فقد جعلها وصليّة باصطلاح أهل المعاني والبيان في كتبهم ، وليس المطلوب ذلك ، وإنّما المطلوب كونها في كتب أهل النحو كذلك ، على قدر دعواه سابقاً ، وإلّا فاصطلاحات أهل العلوم وتصرّفاتهم في الألفاظ والكلمات في النحو والتصريف والمعاني والبيان والمنطق والكلام والهندسة والحساب والحكم النظرية غير خفي على مَنْ له أدنى فطنة ومعرفة.
وأمّا كون ( الواو ) بمعنى الحال في ( وإنْ أكرمني ) فلم يثبت ، حيث إنّ استدلاله حرسه الله تعالى لم يكن إلّا في واو ( وإنْ ) وواو ( ولَوْ ) وكلاهما من باب واحد ، وهو عين المسئول عنه ، فإنْ حصل الدليل من غيرهما مثل : ( جاء زيدٌ وهو راكبٌ ) أو ( ركب زيدٌ وهو مريض ) فذاك ، وإلّا فلا.
ودعوى أنّ واو الحال لا يكون مدخولها إلّا ثابت الوقوع بظاهر اللفظ في الكلام الموجب ومنفيّاً في الكلام المنفي ، باقٍ على حاله.
__________________
(١) مصباح المتهجّد : ٧٧٨ ، باختلاف.