المشهور كان المشهور هو المجمع عليه لكشفه عن دخول قول المعصوم عليهالسلام ، لأنّه إنْ لم يدخل في المشهور الذي جرت العادة بالميل إليه مع عدم الصارف ولم يتعيّن دخوله في هذا المشهور ، وجب عليه نصب الصارف عن المشهور ، وإلّا لزم أنْ يكون آمراً بغير ما قال وهو « خذْ بما اشتهر » (١) ، وهو محال.
وإنْ كان بين مشهورين وإنْ لم يتساويا وحصل للمستنبطِ المُسْتفِرغ الوسع الدليل القاطع على دخول قول المعصوم في أحدهما صحّ له أنْ يدّعي الإجماع لكشفه عن دخول قول المعصوم. وهذا هو الإجماع المحصّل ، وهو حجّة قاطعة يتعيّن العمل عليه ، إلّا إنّه لا يكون حجّة على مَنْ لم يعثر على ذلك الدليل ، وهذا الإجماع كثير بين الأصحاب ، حتى إنّ منهم من يدّعي الإجماع على حكمه في كتاب ويدّعي الإجماع على خلافه في آخر ، بل فيه نفسه ؛ ولهذا طعن به في حجّيّة الإجماع ، وقد مرّ جوابه فليراجع.
وإنْ لم يعثر على الدليل توقّف حتى يحصل ؛ على للآيات والأخبار الدالّة على النهي عن القول بغير علم ، قال الله تعالى ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) ، وقال الصادق عليهالسلام في حديث حمزة بن الطيّار : « لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه والتثبّت والردّ إلى أئمّة الهدى ، حتى يحملوكم فيه على القصد ، ويجلوا عنكم فيه العمى ، ويعرّفوكم فيه الحقّ » (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات والأخبار كما يأتي في آخر الكتاب.
وقال بعض : إنّه والحال هذه يعمل على حسب ما يقوى في ظنونه إن تعدّدت ؛ لأنّ الظنّ المعتبر قد جعله الشارع عند عدم اليقين مناطاً لتكليفه وأمارة لحكمه ، كما في الشكّ ، والدعوى المظنونة ، واللوث ، وغير ذلك ، كما قيل : المرءُ متعبّدٌ بظنّه.
ونقل عن بعض المحدّثين أنّه متن حديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآله رواه ابن أبي جمهور في ( العوالي ) ، وإنْ لم يحصل له الظنّ توقّف مع عدم الحاجة إلى العمل هو أو مقلّده واحتاط كذلك معها.
__________________
(١) غوالي اللئلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) الكافي ١ : ٥٠ / ١٠ ، الوسائل ٢٧ : ٨٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨ ، ح ٢٩.