سلّمناها مع ثبوت قطعيّة حجّيّته ، على أنّ مثل هذا الظنّ المعتبر يؤول إلى العلم لإثبات الحجّة بالظنّ المعتبر كإثباتها بالعلم.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّا مع التنزّل وتسليم آحاديّتها لا نمنع حجّيّتها ؛ لاحتفافها بقرائن القطع لعمل الطائفة بمثلها وانتزاعها من الكتب المشهورة.
قال في ( الاحتجاج ) : ( ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بإسناده ؛ إمّا لوجود الإجماع عليه ، أو موافقته لما دلّت العقول إليه ، أو لاشتهاره في السير والكتب من المخالف والمؤالف ، إلّا ما أوردته عن أبي محمّد الحسن بن علي العسكري ، فإنّه ليس في الاشتهار على حدّ ما سواه وإنْ كان مشتملاً على مثل ما قدّمنا ، فلأجل ذلك ذكرت إسناده في أوّل جزء من ذلك دون غيره ؛ لأنّ جميع ما رويت عنه أنّما رويته بإسناد واحد من جملة الأخبار التي ذكرها في تفسيره ) (١). انتهى.
وهو منه واضح ؛ للإرسال ، كما يخفى حسنه على ذي بال.
وكذا ( مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة ) عن الصادق عليهالسلام حتى جعله السيّد علي بن طاوس في ( أمان الأخطار ) ممّا يصحبه المسافر معه ، قال : ( فإنه كتاب لطيف شريف في التعريف بالتسليك إلى الله ، والإقبال عليه ، والظفر بالأسرار التي اشتملت عليه ) (٢).
ولم يطعن عليه صاحب البحار إلّا بأنّ : ( فيه بعض ما يريب اللبيب الماهر ، وأُسلوبه لا يشبه سائر كلمات الأئمّة وآثارهم ) (٣).
ولا يخفى ما فيه :
أمّا الأوّل ، فلما ورد : « إنّ حديثهم صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبيّ مرسل (٤) ، بل في بعض الأخبار » لا يحتمله ملك مقرّب أو نبيّ مرسل » (٥).
وأمّا الثاني ، فلنقل الأخبار بالمعنى ، وهذا أخذ من كلام الصادق عليهالسلام لا أنّه الظاهر.
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ٤.
(٢) الأمان من إخطار الأسفار والأزمان : ٩١ ٩٢.
(٣) بحار الأنوار ١ : ٣٢.
(٤) معاني الأخبار : ١٨٩ / ١.
(٥) بصائر الدرجات : ٢٢ / ٧.