ثمّ اختلف مَنْ
قال بالحجّيّة من الفرقة الإماميّة الاثني عشرية ، فبعضٌ خصّه بالزمن السالف إلى
زمن الشيخ الطوسي وبعضٌ أطلق.
احتج مَنْ قال
بعدم إمكان العلم به بانتشار العلماء في أقطار البلاد وتفرّقهم شرقاً وغرباً ،
والعلم بإجماع المجتهدين على أمر لا يمكن إلّا بعد معرفتهم ومعرفة أنّ إفتاءهم
بذلك الحكم عن صميم القلب ، ومعرفة هذه الأُمور متعذّرة.
أمّا
الأوّل ؛ فلأنّ كلًّا
من علماء الشرق والغرب لا يعرف الآخر ولا فتواه ؛ لجواز خمول أحدهم بحيث لا يعرف ،
وجواز كون أحد منهم في مطمورة لا علم لأحد به.
وأمّا
الآخر ؛ فلجواز إفتائه
بغير معتقده للتقيّة أو رجوعه عن ذلك الفتوى ، أو غيرهما. نعم ، يمكن ذلك في عصر
الشارع لقلّتهم.
وردّ بحصول العلم بديهةً بأنّ مذهب علماء الإسلام وجوب
الصلاة والزكاة والخمس على مَنْ وجبت عليه ، ووجوب صوم شهر رمضان ، وبأنّ مذهب
علماء الإماميّة الإجماع على جواز المتعتين ، وعدم جواز غسل الرجلين ، فكيف لا
يمكن حصول اليقين بالنظر مع حصول العلم بمذهبهم بديهة مع تأخّر البداهة عن النظر؟!.
وأُجيب بأنّ حصول العلم في بعضٍ كالضروري لا يستلزم حصول العلم
في غيره كسائر المذاهب والفتاوى.
وردّ بأنّ
الطالب إذا أعطى التأمّل حقّه وفتّش كمال التفتيش واستفرغ الوسع والطاقة لا بدّ
أنْ يحصل له العلم إنْ لم يكن التفصيلي فالإجمالي ؛ لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنا ) .
واحتجّ مَنْ
قال بإمكان العلم به بأنّ الاحتياج إلى معرفة كلّ أقوال مَنْ يُعتبر قولهم أنّما
يتمشّى على مذهب أهل الخلاف ، وأمّا على مذهبنا من إناطة الحجّيّة بمذهب الحجّة عليهالسلام ، فلا يحتاج فيه إلى الإحاطة بمذهب مَنْ يُعتبر قولهم
كلّهم ومعرفةِ أنّ ما أفتوا به عن صميم قلوبهم ؛ لكون ديننا دين الله الذي لا يطفأ
نوره ولا يرتفع عن أهله ؛
__________________