ومِثْلَهُ « الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ ».
أي إن قيد انقاد وإن استنيخ على صخرة استناخ.
والجمل الأَنِفُ : أي المَأْنُوفُ الذي عقر الخشاش أَنْفُهُ ، فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به ، وكان الأصل أن يقال مَأْنُوفٌ لأنه مفعول كما يقال مصدور ومبطون للذي يشتكي صدره وبطنه ، وإنما جاء هذا على الشذوذ ، وقيل الأَنِفُ الذلول ، ويروى الآنِفُ بالمد وهو بمعناه.
وأَنِفَ من الشيء من باب تعب يَأْنَفُ أَنَفاً : إذا كرهه وعرفت نفسه عنه.
وَفِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنْ سُبْحَانَ اللهِ؟ فَقَالَ : أَنَفَةٌ ».
هو كقصبة أي تنزيه الله تعالى. كما أن سبحان تنزيه.
قال بعض الشارحين : الأَنَفَةُ في الأصل الضرب على الأنف ليرجع ، ثم استعمل لتعبيد الأشياء ، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لأنه تنزيه عن صفات الرذائل والأجسام.
وأَنِفَ من الشيء : أي استنكف وهو الاستكبار.
وأَنْفُ كل شيء : طرفه.
وأَنْفُ كل شيء : أوله.
وأَنْفُ الرجل وغيره معروف ، والجمع آنُفٌ وأُنُوفٌ وآنَافٌ.
ومنه حَدِيثُ « مَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ وَلْيَخْرُجْ ».
قال بعض الشارحين : إنما أمر بذلك ليوهم المصلين أن به رعافا ، وهو نوع من الأدب في ستر العورة وإخفاء القبيح والكناية بالأحسن عن الأقبح ، ولا يدخل في باب الكذب والرياء وإنما هو من باب التجمل والحياء وطلب السلامة من الناس.
وَفِي الْخَبَرِ « شَجَاعَةٌ الْمَرْءِ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ (١) ».
الأَنْفَةُ حمية الأنف وثوران الغضب لما يتخيل من مكروه يعرض استنكارا له واستنكافا من وقوعه ، وظاهر كونه مبدأ للشجاعة في الإقدام على الأمور.
وجاء آنِفاً : أي من قبل.
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ١٦٣.