زعمتم أن إخوتكم قريشا |
|
لهم إِلْفٌ وليس لكم إِلَافٌ |
و ( رِحْلَةَ ) مفعول به لإِيلافِهِمْ ، وأراد رحلتي ، فأفرد لأمن الالتباس كما قيل شعر :
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
والتنكير في جوع وخوف لشدتهما يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف في بلادهم ومسائرهم. قوله : ( وَهُمْ أُلُوفٌ ) [ ٢ / ٢٤٣ ] هي جمع أَلْف.
والأَلْفُ من الأعداد معروف ، وجمعه في القليل على آلَاف وفي الكثير أُلُوفٌ ، وبهما ورد الكتاب العزيز.
قوله : أَلْفَوْا [ ٣٧ / ٦٩ ] أي وجدوا.
قوله : ( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) [ ٩ / ٦٠ ] أي المستمالة قلوبهم بالمودة والإحسان ،وَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنْ الصَّدَقَاتِ وَكَانُوا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُعْطِيهِ دَفْعاً لِأَذَاهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُعْطِيهِ طَمَعاً فِي إِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ أَتْبَاعِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُعْطِيهِ لِيَثْبُتَ عَلَى إِسْلَامِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْجَاهِلِيَّةِ.
وَفِي حَدِيثِ « الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هُمْ قَوْمٌ وَحَّدُوا اللهَ وَخَلَعُوا عِبَادَةَ مَنْ يُعْبَدُ دُونِ اللهِ وَلَمْ تَدْخُلِ الْمَعْرِفَةُ قُلُوبَهُمْ إَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْمَالِ وَالْعَطَاءِ حَتَّى يَحْسُنَ إِسْلَامُهُمْ وَيُعَلِّمُهُمْ وَيَعْرِفْهُمْ كَمَا يَعْرِفُون ، فَجَعَلَ لَهُمْ نَصِيباً فِي الصَّدَقَاتِ لِكَيْ يَعْرِفُوا وَيَرْغَبُوا » (١).
والتَّأَلُّفُ : المداراة والاستيناس.
وأَلَّفَ بين الشيئين : جمع ، ومنه قوله ( وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ) والألفة اسم من الايتِلَافِ ، وهو الالتيام والاجتماع واسم الفاعل مثل علم.
وأَلَفْتُ الموضع إِيلَافاً من باب أكرمت وأَلَفْتُهُ أُؤالِفُهُ مُؤالَفَةً وإِلَافاً من باب قاتل.
__________________
(١) سفينة البحار ج ١ ص ٢٨ والبرهان ج ٢ ص ١٣٦.