وَفِي الْحَدِيثِ « خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَأَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُحِبُّ ، وَخَلَقْتُ الشَّرَّ وَأَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُرِيدُهُ ».
المراد بخَلْقِ الخير والشر خَلْقُ تقدير لا خَلْقُ تكوين.
ومعنى خَلْقِ التقدير : نقوش في اللوح المحفوظ.
ومعنى خَلْقِ التكوين وجود الخير والشر في الخارج ، وهو من فعلنا.
ومثله « إِنَّ اللهَ خَلَقَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ » وبهذا يندفع ما يقال : إنه ورد في النقل الصحيح أنه خَالِقُ الخير والشر.
وكذا قوله تعالى بعد ذكر الحسنة والسيئة ( قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) [ ٤ / ٧٨ ] على أنه ممكن أن يراد بالخير ما كان ملائما للطباع كالمستلذ من المدركات ، وبالشر ما لا يلائم كخلق الحيات والعقارب والمؤذيات ، فإنها تشتمل على حكمة لا نعلم تفصيلها.
وقد تقدم في ( سوا ) مزيد بحث في هذا.
وَفِي حَدِيثِ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى « وَلَوْ كَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ إِذاً لَمْ يَكُنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَبَداً ، وَلَمْ يَزَلِ اللهُ وَمَعَهُ شَيْءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ ».
قال بعض الشارحين : فيه رد على ما زعمته الفلاسفة ومن تابعهم أن كل حادث مسبوق بمادة ، ولو صح ذلك للزم محالان : أحدهما التسلسل في جانب المبدإ.
والثاني خلاف ما أجمعت عليه البراهين القطعية
( خنق )
قوله تعالى ( وَالْمُنْخَنِقَةُ ) [ ٥ / ٣ ] هي التي تَخْنُقُ فتموت ، ولا تدرك ذكاتها.
وَفِي الْحَدِيثِ « الْمُنْخَنِقَةُ هِيَ الَّتِي انْخَنَقَتْ بِأَخْنَاقِهَا حَتَّى تَمُوتَ ».
وفِيهِ « اطْلُبْ لِنَفْسِكَ أَمَاناً قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَكَ الْأَظْفَارُ ، وَيَلْزَمَكَ الْخِنَاقُ » الخِنَاقُ بالكسر : حبل يُخْنَقُ به واستعير هنا للموت ، ولا بعد أن يراد بالأظفار هنا المنية كما في قوله :