درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٢

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩

وظهر لك ان الاول هنا غير متحقق عادة لاحد من علمائنا المدعين للاجماع وان الثانى ليس طريقا للعلم فلا يسمع دعوى من استند اليه فلم يبق مما يصلح ان يكون مستندا فى الاجماعات المتداولة على السنة ناقليها الا الحدس وعرفت ان الحدس قد يستند الى مباد محسوسة ملزومة عادة لمطابقة قول الامام عليه‌السلام نظير العلم الحاصل من الحواس الظاهرة ونظير الحدس لمن اخبر بالعدالة والشجاعة لمشاهدته آثارهما المحسوسة الموجبة للانتقال اليهما بحكم العادة أو إلى مباد محسوسة موجبة لعلم المدعى بمطابقة قول الامام عليه‌السلام من دون ملازمة عادية وقد يستند الى اجتهادات وانظار وحيث لا دليل على قبول خبر العادل المستند الى القسم الاخير من الحدس بل ولا المستند الى الوجه الثانى ولم يكن هناك ما يعلم به كون الاخبار مستندا الى القسم الاول من الحدس وجب التوقف فى العمل بنقل الاجماع كسائر الاخبار المعلوم استنادها الى الحدس المردد بين الوجوه المذكورة

(اقول) انه اذا عرفت ان مستند خبر المخبر بالاجماع المتضمن للاخبار من الامام عليه‌السلام لا يخلو من الامور الثلاثة المتقدمة وهى السماع عن الامام عليه‌السلام مع عدم معرفته بعينه كما عليه القدماء واستكشاف قوله عليه‌السلام من قاعدة اللطف والتقرير كما عليه شيخ الطائفة وحصول العلم من الحدس كما عليه المتأخرون

(وظهر لك) فيما تقدم ان الاول المسمى بالاجماع الدخولى والتضمنى غير متحقق عادة لاحد من علمائنا المدعين للاجماع لما مرّ من ان مسلك الدخول مما لا سبيل اليه عادة فى زمان الغيبة بل ينحصر ذلك فى زمان الحضور الذى كان الامام عليه‌السلام يجالس الناس ويجتمع معهم فى المجالس فيمكن ان يكون الامام عليه‌السلام احد المجمعين واما فى زمان الغيبة فلا يكاد يحصل ذلك عادة.

(وان الثانى) أعنى القاعدة اللطف ليس طريقا للعلم لعدم وجوب اللطف والتقرير لما تقدم فلا يسمع دعوى من استند اليه فلم يبق مما يصلح أن يكون مستندا فى الاجماعات المتداولة على السنة ناقليها الا الحدس.

٦١

(وقد عرفت) ان الحدس قد يستند الى مباد محسوسة ملزومة عادة لمطابقة قول الامام عليه‌السلام كالحدس الحاصل من اتفاق علماء الاعصار والامصار فانه نظير العلم الحاصل من الحواس الظاهرة كما لو سمع الحكم من الامام ونظير الحدس الحاصل لمن أخبر بالعدالة والشجاعة لمشاهدة المخبر آثارهما المحسوسة الموجبة للانتقال اليهما بحكم العادة.

(وقد يستند) الى مباد محسوسة موجبة لعلم المدعى بمطابقة قول الامام عليه‌السلام من دون ملازمة عادية كما اذا حصل الحدس بقوله عليه‌السلام من فتوى جماعة وقد يستند الى اجتهادات وانظار وحيث لا دليل على قبول خبر العادل المستند الى القسم الاخير من الحدس لما تقدم فى اول مبحث الاجماع من الاخبار عن حدس واجتهاد ونظر ليس حجة الاعلى من وجب عليه تقليد المخبر بل ولا المستند الى الوجه الثانى لما تقدم من ان ادلة خبر العادل لا يدل الاعلى نفى احتمال الكذب فقط ولا دليل على اصالة عدم الخطاء فى الحدس.

(واما القسم الاول) من الحدس وان كان يشمله ادلة خبر العادل لان الحدس المستند الى مباد ضرورية بمنزلة الحس يشمله آية النبأ وغيرها وان هذا القسم من الحدس ملحق بالحس فى الحجية من جهة ان له مباد محسوسة ولكن لم يكن هناك ما يعلم به كون الاخبار مستندا الى القسم الاول من الحدس فحينئذ وجب التوقف فى العمل بنقل الاجماع كسائر الاخبار المعلوم استنادها الى الحدس المردد بين الوجوه المذكورة.

٦٢

(فان قلت) ظاهر لفظ الاجماع اتفاق الكل فاذا اخبر الشخص بالاجماع فقد اخبر باتفاق الكل ومن المعلوم ان حصول العلم بالحكم من اتفاق الكل كالضرورى فحدس المخبر مستند الى مباد محسوسة ملزومة لمطابقة قول الامام عليه‌السلام عادة فاما ان يجعل الحجة نفس ما استفاده من الاتفاق نظير الاخبار بالعدالة واما ان يجعل الحجة اخباره بنفس الاتفاق المستلزم عادة لقول الامام عليه‌السلام ويكون نفس المخبر به ح محسوسا نظير اخبار الشخص بامور يستلزم العدالة والشجاعة عادة وقد اشار الى الوجهين بعض السادة الاجلة فى شرحه على الوافية فانه قدس‌سره لما اعترض على نفسه بان المعتبر من الاخبار ما استند الى احدى الحواس والمخبر بالاجماع انما رجع الى بذل الجهد ومجرد الشك فى دخول مثل ذلك فى الخبر يقتضى منعه اجاب عن ذلك بان المخبر هنا ايضا يرجع الى الحس فيما يخبر عن العلماء وان جاء العلم بمقالة المعصوم من مراعات امر آخر كوجوب اللطف وغيره

(حاصل الاشكال) ان ظاهر لفظ الاجماع اتفاق الكل فاذا اخبر الشخص بالاجماع فقد اخبر باتفاق الكل ومن المعلوم ان حصول العلم بالحكم الصادر عن الامام عليه‌السلام من اتفاق الكل كالضرورى فحدس المخبر مستند الى مباد محسوسة ملزومة لمطابقة قول الامام عليه‌السلام عادة.

(فاما ان يجعل الحجة نفس ما استفاده من الاتفاق) يعنى يجعل الحجة نفس المنكشف المسبب وهو رأى الامام عليه‌السلام فهو وان لم يكن محسوسا لكن له مباد محسوسة وهو اتفاق الكل ولا كلام فى اعتبار مثل ذلك كما فى الاخبار عن العدالة والشجاعة وغيرهما.

(واما ان يجعل الحجة اخباره بنفس الاتفاق) يعنى يجعل الحجة نفس السبب والكاشف المستلزم عادة لقول الامام عليه‌السلام فيكون نفس المخبر به حينئذ محسوسا نظير اخبار الشخص بامور يستلزم العدالة كنقل قضايا انوشيروان والشجاعة عادة كنقل غزوات الامير عليه الصلاة والسلام.

٦٣

(وقد اشار الى الوجهين بعض السادة الاجلة) يعنى قد اشار الى الوجهين المذكورين بعض السادة الاجلة اعنى السيد الجليل المحقق السيد محسن الكاظمى قدس‌سره فى شرحه على الوافية فانه قدس‌سره لما اعترض على نفسه بان المعتبر من الاخبار ما استند الى احدى الحواس الظاهرية والمخبر بالاجماع لم يسمع الحكم من الامام وانما رجع فى استكشاف قوله عليه‌السلام الى بذل الجهد وتتبع الاقوال.

ومجرد الشك فى ان مثل هذا الخبر الحدسى يدخل فى ادلة حجية خبر الواحد ام لا يقتضى منع الدخول لان الاصل حرمة العمل بالظن.

(وقد اجاب السيد) عن الاعتراض الذى اورده على نفسه بان المخبر هنا ايضا يرجع الى الحس فيما يخبر عن العلماء وان جاء العلم بمقالة المعصوم من مراعات امر آخر كوجوب اللطف وغيره وبعبارة اخرى ان نقل الاجماع من جهة نقل اتفاق الكل اخبار عن الحس وان كان من جهة نقل قول الامام عليه‌السلام اخبارا عن الحدس.

٦٤

(ثم) اورد بان المدار فى حجية الاجماع على مقالة المعصوم عليه‌السلام فالاخبار انما هو بها ولا يرجع الى حسّ فاجاب عن ذلك اولا بان مدار الحجية وان كان ذلك لكن استلزام اتفاق كلمة العلماء لمقالة المعصوم معلوم لكل احد لا يحتاج فيه الى النقل وانما الغرض عن النقل ثبوت الاتفاق فبعد اعتبار خبر الناقل لوثاقته ورجوعه فى حكاية الاتفاق الى الحسّ كان الاتفاق معلوما ومتى ثبت ذلك كشف عن مقالة المعصوم للملازمة المعلومة لكل احد.

وثانيا ان الرجوع فى حكاية الاجماع الى نقل مقالة المعصوم لرجوع الناقل فى ذلك الى الحسّ باعتبار ان الاتفاق من آثارها ولا كلام فى اعتبار مثل ذلك كما فى الاخبار بالايمان والفسق والشجاعة والكرم وغيرها من الملكات وانما لا يرجع الى الاخبار فى العقليات المحضة فانه لا يعول عليها وان جاء بها الف من الثقات حتى يدرك مثل ما ادركوا.

ثم اورد على ذلك بانه يلزم من ذلك الرجوع الى المجتهد لانه وان لم يرجع الى الحس فى نفس الاحكام إلّا انه رجع فى لوازمها وآثارها اليه وهى الادلة السمعية فيكون رواية فلم لا يقبل اذا جاء به الثقة واجاب بانه انما يكفى الرجوع الى الآثار اذا كانت الآثار مستلزمة عادة وبالجملة اذا افادت اليقين كما فى آثار الملكات وآثار مقالة الرئيس وهى مقالة رعيته وهذا بخلاف ما يستنهضه المجتهد من الدليل على الحكم ثم قال على ان التحقيق فى الجواب عن السؤال الاول هو الوجه الاول وعليه فلا اثر لهذا السؤال انتهى.

(اقول) ان السيد قدس‌سره اورد على الجواب المذكور بان المدار فى حجية الاجماع على مقالة المعصوم عليه‌السلام فالاخبار انما هو بها ولا يرجع الى حس (فاجاب عن ذلك اولا) بان مدار الحجية وان كان ذلك اى مقالة المعصوم ومن هذه الجهة حدسية لكن استلزام كلمة العلماء لمقالة المعصوم معلوم لكل احد لا يحتاج فى هذا الاستلزام الى النقل.

٦٥

وانما الغرض الاصلى عن النقل ثبوت الاتفاق فبعد اعتبار خبر الناقل لوثاقته ورجوعه فى حكاية الاتفاق الى الحس كان الاتفاق معلوما ومتى ثبت ذلك الاتفاق كشف عن مقالة المعصوم عليه‌السلام للملازمة المعلومة لكل احد فلا حاجة الى نقلها حتى يقال انها حدسية.

(وثانيا ان الرجوع فى حكاية الاجماع الخ) يعنى ان الناقل استند فى نقل مقالة المعصوم الى الاتفاق الذى هو من آثارها وهو امر محسوس ملازم لها فكانها محسوسة ايضا نظير الاخبار بالملكات الباطنية الغير المحسوسة كالايمان والعدالة ونحوهما من جهة محسوسية آثارها.

(وانما لا يرجع الى الاخبار فى العقليات المحضة) ان المراد بالعقليات المحضة هو ما لم يستند الى المبادى المحسوسة والحاصل ان المعلومات ثلاثة انواع ما يعلم بالعقل فقط من دون توسط الحس كامتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما وكون الكل اعظم من الجزء وما يعلم بتوسطه كالعلم بالمحسوسات وما يعلم آثاره ولوازمه بالحس ويعلم هو بالعقل كالملكات فانك تدرك آثارها بالسمع والبصر وتستدل بالآثار على القوى ولا كلام فى قبول قول الثقة فى الاخيرين وانما الكلام فى الاول وهو ان يستعلم الشىء بالطريق العقلى فقط ثم يخبر عما هو عليه ويقول هو كذا فهو الذى لا يعوّل عليه ولا يكون حجة وان جاء به الف من الثقات حتى يدرك مثل ما ادركوا اى حتى يحصل العلم للمنقول اليه كما حصل للناقل.

(ثم اورد على ذلك الخ) يعنى اورد السيد على الجواب المذكور ايضا بانه يلزم من ذلك اى من حجية الاخبار عن حدس اذا استند الى الآثار الحسية الرجوع الى المجتهد بمعنى يلزم حجية فتوى المجتهد على مجتهد آخر لان المجتهد وان لم يرجع الى الحس فى نفس الاحكام إلّا انه رجع فى لوازمها وآثارها الى الحس وهى الادلة السمعية فكما ان ناقل الاجماع لم يسمع الحكم من الامام بل تحدس به من المبادى الحسيّة وهى اتفاق الفقهاء ، وكذلك المجتهد لم يسمع الحكم من الامام بل تحدس به من المبادى الحسيّة وهى الكتاب والسنة

٦٦

والاجماع فيكون الفتوى رواية فلم لم يقبل اذا جاء به الثقة.

(واجاب بانه) انما يكفى الرجوع الى الآثار فى حجية الاخبار عن الحدسيات اذا كانت الآثار مستلزمة عادة للمؤثر وبالجملة اذا افادت اليقين كما فى آثار الملكات وكما فى آثار مقالة الرئيس وهى مقالة رعيته فان غزوات امير المؤمنين عليه‌السلام من الآثار الحسيّة المستلزمة للمؤثر الحدسى وهو الشجاعة واذا قال الفقهاء بان الماء القليل يتنجس بالملاقات فنقطع من مقالة الفقهاء التى هى من الآثار الحسيّة بالمؤثر الحدسى وهو صدور الحكم من الامام عليه‌السلام وهذا بخلاف ما يستنهضه المجتهد من الدليل فان الدليل الذى يقيمه المجتهد على الحكم لا يعد من الآثار الحسيّة المستلزمة للمؤثر الحدسى وهو الحكم لكثرة الخطاء فيه.

(قوله على ان التحقيق فى الجواب الخ) توضيحه انه اجاب عن الايراد الاول بوجهين (احدهما) ان الاتفاق مستلزم لمقالة المعصوم عليه‌السلام عادة(وثانيهما) ان الآثار حسية وان لم يكن نفس المكشوف عنه حسيّا والايراد الثانى انما يترتب على الجواب الثانى بمعنى انه يرد اذا اجيب عن الايراد الاول بالجواب الثانى واما اذا اجيب عن الايراد الاول بالجواب الاول كما هو قضيّة التحقيق فلم يرد الايراد الثانى كما اشار الى ذلك بقوله وعليه فلا اثر لهذا السؤال اى السؤال الثانى انتهى.

٦٧

(قلت) ان الظاهر من الاجماع اتفاق اهل عصر واحد لا جميع الآثار كما يظهر من تعاريفهم وساير كلماتهم ومن المعلوم ان اجماع اهل عصر واحد مع قطع النظر عن موافقة اهالى الاعصار المتقدمة ومخالفتهم لا يوجب عن طريق الحدس العلم الضرورى بصدور الحكم عن الامام عليه‌السلام ولذا قد يتخلف لاحتمال مخالفة من تقدم عليهم او اكثرهم نعم يفيد العلم من باب وجوب اللطف الذى لا نقول بجريانه فى المقام كما قرر فى محله مع ان علماء العصر اذا كثروا كما فى الاعصار السابقة يتعذر او يتعسر الاطلاع عليهم حسّا بحيث يقطع بعدم من سواهم فى العصر إلّا اذا كان العلماء فى عصر قليلين يمكن الاحاطة برأيهم فى المسألة فيدعى الاجماع إلّا ان مثل هذا الامر المحسوس لا يستلزم عادة لموافقة المعصوم فالمحسوس المستلزم عادة لقول الامام عليه‌السلام مستحيل التحقق للناقل والممكن المتحقق له غير مستلزم عادة.

(اقول) لما استند فى السؤال الى ظهور لفظ الاجماع بحسب الاصطلاح فى اتفاق الكل على ما اعترف به الشيخ قدس‌سره فيما تقدم من كلامه اجاب عنه بما تقدم من كونه حقيقة بالاتفاق فى اجماع اهل عصر واحد لا جميع الآثار كما يظهر من تعاريفهم وساير كلماتهم المتفرقة.

(ومن المعلوم) اولا ان اجماع اهل عصر واحد مع قطع النظر عن موافقة اهالى الاعصار المتقدمة ومخالفتهم لا يوجب عن طريق الحدس العلم الضرورى بصدور الحكم عن الامام عليه‌السلام.

(ولذا قد يتخلف) اى لا يحصل العلم بقول الامام عليه‌السلام من اتفاق اهل عصر واحد نعم اتفاق اهل عصر واحد يفيد العلم بقول الامام من جهة قاعدة اللطف الذى لا نقول بجريانه فى المقام كما قرر فى محله.

(وثانيا) ان الاطلاع على فتاوى علماء عصر واحد اذا كثروا متعذر او متعسر لتشتتهم فى الامصار والاصقاع فيتعذر العلم بفتاويهم على سبيل السماع واما على

٦٨

سبيل الظفر بها فى كتبهم فكذلك اذ ليس كل فقيه بمؤلف ولا كل مؤلف يطلع عليه وكم من فقيه لا يعرف المحصلون اسمه فضلا عن مقالته فلم يبق الا الرجوع الى ما يتيسر من كتبهم والكتب المعدة للاستدلال ونقل المذاهب والاقوال.

(والحاصل) ان ما افاده قدس‌سره من عدم التلازم بين اتفاق الكل فى عصر ومقالة المعصوم عليه‌السلام امر ظاهر لا سترة فيه سواء كان اهل العصر قليلين يمكن الاحاطة بآرائهم فى المسألة من طريق الحس والسماع او كثيرين يتعسر الاطلاع على آرائهم من طريق السماع فالمحسوس المستلزم عادة لقول الامام عليه‌السلام مستحيل التحقق للناقل والممكن المتحقق للناقل غير مستلزم لقوله عادة.

٦٩

وكيف كان فاذا ادعى الناقل الاجماع خصوصا اذا كان ظاهره اتفاق جميع علماء الاعصار او اكثرهم الامن شذّ كما هو الغالب فى اجماعات مثل الفاضلين والشهيدين انحصر محمله فى وجوه احدها ان يراد به اتفاق المعروفين بالفتوى دون كل قابل للفتوى من اهل عصره او مطلقا الثانى ان يريد اجماع الكل ويستفيد ذلك من اتفاق المعروفين من اهل عصره وهذه الاستفادة ليست ضرورية وان كان قد تحصل لان اتفاق اهل عصره فضلاء عن المعروفين منهم لا يستلزم عادة اتفاق غيرهم ومن قبلهم خصوصا بعد ملاحظة التخلف فى كثير من الموارد لا يسع هذه الرسالة لذكر معشارها ولو فرض حصوله للمخبر كان من باب الحدس الحاصل عما لا يوجب العلم عادة نعم هى امارة ظنيّة على ذلك لان الغالب فى الاتفاقيات عند اهل عصر كونه من الاتفاقيات عند من تقدمهم.

وقد يحصل العلم بضميمة امارات أخر لكن الكلام فى كون الاتفاق مستندا الى الحس او الى حدس لازم عادة للحس والحق بذلك ما اذا علم اتفاق الكل من اتفاق جماعة لحسن ظنه بهم كما ذكره فى أوائل المعتبر حيث قال ومن المقلدة من لو طالبته بدليل المسألة ادعى الاجماع لوجوده فى كتب الثلاثة قدس‌سرهم وهو جهل ان لم يكن تجاهلا فان فى توصيف المدعى بكونه مقلدا مع انا نعلم انه لا يدعى الاجماع الا عن علم اشارة الى استناده فى دعواه الى حسن الظن بهم وان جزمه فى غير محله فافهم.

(وكيف كان) سواء قلنا بان اتفاق اهل عصر واحد لا يستلزم عادة لموافقة المعصوم او قلنا بانه لا يمكن للناقل العلم باتفاق جميع علماء العصر فحينئذ اذا ادعى الناقل الاجماع خصوصا اذا كان ظاهره اتفاق جميع علماء الاعصار او اكثرهم الا من شذ كما هو الغالب فى اجماعات مثل الفاضلين اى العلامة والمحقق والشهيدين انحصر محمله فى وجوه.

(احدها) ان يراد من اتفاق جميع علماء الاعصار اتفاق المعروفين بالفتوى

٧٠

دون كل قابل للفتوى من اهل عصره او مطلقا (وقد اورد) على هذا الوجه بحر الفوائد بان اتفاق المعروفين اذا اريد به اتفاق اهل عصره وساير الاعصار المتقدمة لا يمكن تحصيله عادة من طريق الحس وان سلّم التلازم بينه وبين مقالة المعصوم عليه‌السلام لان كل معروف ليس له كتاب معروف بايدى الفقهاء مع ان تحصيل فتوى فقيه فى بعض كتبه اذا كان له كتب متعددة فى الفتوى لم يعلم حال جميعها ولو من جهة فقد بعضها لا يجدى فى نسبة الفتوى اليه انتهى وقد اشرنا الى ذلك فيما تقدم فراجع

(الثانى) ان يريد اجماع الكل فى جميع الاعصار ويستفيد ذلك اى اجماع الكل من اتفاق المعروفين من اهل عصره وهذه الاستفادة ليست ضرورية وان كان قد تحصل لان اتفاق اهل عصره فضلا عن المعروفين منهم لا يستلزم عادة اتفاق غيرهم ومن قبلهم.

(خصوصا بعد ملاحظة التخلف فى كثير من الموارد) اى كثيرا ما يشاهد حصول التخلف فى كثير من المواضع ولا بأس بالاشارة الى بعضها.

(منها) مسئلة عدم رفع الماء المضاف الحدث قال فى الشرائع وهو طاهر لا يزيل حدثا اجماعا قال صاحب المدارك هذا هو المشهور بين الاصحاب وخالف فيه ابن بابويه فجوز رفع الحدث بماء الورد ولم يعتبر المصنف خلافه حيث ادعى الاجماع على عدم حصول الرفع لمعلومية نسبه او لانعقاد الاجماع بعده انتهى.

(ومنها) مسئلة جواز قراءة الجنب القرآن عدا العزائم حيث ادعى عليه المحقق الاجماع وقد حكى الشهيد عن سلار تحريم القراءة مطلقا وعن ابن البراج تحريم قراءة ما زاد على سبع آيات (ومنها) مسئلة نزح البئر حيث كان المجمع عليه بين القدماء فيها النجاسة كما عن الانتصار والغنية والسرائر على ما حكى عنهم والاشهر بين المتأخرين الطهارة الى غير ذلك من الموارد التى يطلع عليها الفقيه المتتبع.

(ولو فرض) حصول استفادة اتفاق الكل من اتفاق المعروفين للمخبر كان من باب الحدس الحاصل عما لا يوجب العلم عادة نعم اتفاق المعروفين امارة ظنية على اتفاق الكل لان الغالب فى الاتفاقيات عند اهل عصر كونه من الاتفاقيات

٧١

عند من تقدمهم وقد يحصل العلم بضميمة امارات أخر كدلالة آية او رواية معتبرة لكن الكلام فى كون الاتفاق مستندا الى الحس او الى حدس لازم عادة للحس وكلاهما مفقود ان فى المقام (قوله نعم هى امارة ظنية) الضمير راجع الى اتفاق اهل عصره والتأنيث باعتبار الخبر.

(والحق بذلك) يعنى الحق باستفادة اتفاق الكل من اتفاق المعروفين ما اذا علم الناقل اتفاق الكل من اتفاق جماعة لحسن ظنه بهم كما ذكره فى اوائل المعتبر حيث قال ومن المقلدة من لو طالبته بدليل المسألة ادعى الاجماع لوجوده فى كتب الثلاثة اى الكتب الاربعة للمشايخ الثلاثة ودعوى الاجماع كذلك جهل ان لم يكن تجاهلا فان فى توصيف المحقق مدعى الاجماع بكونه مقلدا مع انا نعلم ان مدعى الاجماع لا يدعيه إلّا عن علم اشارة الى استناده فى دعواه الى حسن الظن بهم وان جزمه فى غير محله.

(قوله فافهم) لعله اشارة الى ان الاحتمال الظاهر من كلام المحقق ان المقلدة تدعى نقل الاجماع فى الكتب المذكورة لا الفتوى فلا يدل على المدعى

(قوله ومن المقلدة من لو طالبته) قال بعض المحشين قال الشيخ قدس‌سره فى كتاب الطهارة ان مراد المحقق ببعض المقلدة هو ابن زهرة فى الغنية حيث ادّعى الاجماع على نزح الكر فى الخيل وما اشبهها ولكن لا يخفى ان الظاهر ان مبنى اجماعه قدس‌سره فى الغنية هو الوجه الاول من استفادة رأى الامام عليه‌السلام من اتفاق المعروفين من اهل الفتوى لا ما ذكره المحقق من وجوده فى كتب المفيد والمرتضى والشيخ فقط انتهى.

٧٢

(الثالث) ان يستفيد اتفاق الكل على الفتوى من اتفاقهم على العمل بالاصل عند عدم الدليل او بعموم دليل عند عدم وجدان المخصص او بخبر معتبر عند عدم وجدان المعارض او اتفاقهم على مسئلة اصولية نقلية او عقلية يستلزم القول بها الحكم فى المسألة المفروضة وغير ذلك من الامور المتفق عليها التى يلزم باعتقاد المدعى من القول بها مع فرض عدم المعارض القول بالحكم المعين فى المسألة ومن المعلوم ان نسبة هذا الحكم الى العلماء فى مثل ذلك لا ينشأ الامن مقدمتين اثبتهما المدعى باجتهاده إحداهما كون ذلك الامر المتفق عليه مقتضيا ودليلا للحكم لو لا المانع والثانية انتفاء المانع والمعارض ومن المعلوم ان الاستناد الى الخبر المستند الى ذلك غير جائز عند احد من العاملين بخبر الواحد ثم ان الظاهر ان الاجماعات المتعارضة من شخص واحد او من معاصرين او متقاربى العصرين ورجوع المدعى عن الفتوى الذى ادعى الاجماع فيها ودعوى الاجماع فى مسائل غير معنونة فى كلام من تقدم على المدعى وفى مسائل قد اشتهرت خلافها بعد المدعى بل فى زمانه بل فيما قبله كل ذلك مبنى على الاستناد فى نسبة القول الى العلماء على هذا الوجه

____________________________________

(اقول) ان الوجه الثالث من محامل الاجماعات المنقولة ان يريد اتفاق الكل ويستفيد اتفاق الكل على الفتوى من اتفاقهم على العمل بالاصل عند عدم الدليل كما اذا قال شرب التتن حلال بالاجماع وهذا الاجماع ينشأ من ان العمل باصالة البراءة اجماعى عند عدم الدليل او بعموم دليل عند عدم وجدان المخصص كما اذا قال اكرام علماء الاصول لازم بالاجماع اذا لعمل بالعموم كاكرام العلماء اجماعى عند عدم المخصص وغير ذلك من الامور المتفق عليها التى يلزم باعتقاد المدعى من القول بها مع فرض عدم المعارض القول بالحكم المعين فى المسألة

(ومن المعلوم) ان نسبة هذا الحكم اى حلية التتن مثلا الى العلماء فى مثل ذلك لا ينشأ الامن مقدمتين اثبتهما المدعى باجتهاده إحداهما كون ذلك الامر المتفق عليه كاصالة البراءة مقتضيا ودليلا للحكم كحلية شرب التتن لو لا المانع والثانية انتفاء

٧٣

المانع بمعنى تفحص وما وجد دليلا على الحرمة ومن المعلوم ان الاستناد الى الخبر المستند الى ذلك غير جائز عند احد من العاملين بخبر الواحد.

(ثم) ان الظاهر ان الاجماعات المتعارضة من شخص واحد او من معاصرين او متقاربى العصرين ورجوع المدعى عن الفتوى الذى ادعى الاجماع فيها ودعوى الاجماع فى مسائل غير معنونة فى كلام من تقدم على المدعى وفى مسائل قد اشتهرت خلافها بعد المدعى بل فى زمانه بل فيما قبله كل ذلك مبنى على الاستناد فى نسبة القول الى العلماء على هذا الوجه الثالث بمعنى ان الاجماعات الكذائية لم تستند الى تتبع الاقوال كلها او اقوال المعروفين بل الى الاجتهاد والحدس فى تحصيل الاتفاق فقط من دون ضم مقدمة حسيّة.

(واعلم) ان الفرق بين هذا الوجه الثالث وسابقيه على ما صرح به بحر الفوائد ان مبنى الوجهين السابقين على الحس فقط كما هو مبنى الوجه الاول او على انضمام الاجتهاد والحدس الى الحس كما هو مبنى الوجه الثانى ومبنى هذا الوجه الثالث على الاجتهاد والحدس فى تحصيل الاتفاق فقط من دون ضم مقدمة حسيّة انتهى.

٧٤

(ولا بأس) بذكر بعض الموارد صرح المدعى بنفسه او غيره فى مقام توجيه كلامه فيها بذلك فمن ذلك ما وجّه المحقق به دعوى المرتضى والمفيد ان من مذهبنا جواز ازالة النجاسة بغير الماء من المائعات قال واما قول السائل كيف اضاف المفيد والسيد ذلك الى مذهبنا ولا نص فيه فالجواب اما علم الهدى فانه ذكر فى الخلاف انه انما اضاف ذلك الى مذهبنا لان من اصلنا العمل بالاصل ما لم يثبت الناقل وليس فى الشرع ما يمنع الازالة بغير الماء من المائعات ثم قال واما المفيد فانه ادعى فى مسائل الخلاف ان ذلك مروى عن الائمة عليهم‌السلام انتهى.

فظهر من ذلك ان نسبة السيد قدس‌سره الحكم المذكور الى مذهبنا من جهة الاصل ومن ذلك ما عن الشيخ فى الخلاف حيث انه ذكر فيما اذا بان فسق الشاهدين بما يوجب القتل بعد القتل بانه يسقط القود ويكون الدية من بيت المال قال دليلنا اجماع الفرقة فانهم رووا ان ما اخطأت القضاة ففى بيت مال المسلمين انتهى فعلّل انعقاد الاجماع بوجود الرواية عند الاصحاب وقال بعد ذلك فيما اذا تعددت الشهود فيمن اعتقه المريض وعيّن كل غير ما عيّنه الآخر ولم يف الثلث بالجميع انه يخرج السابق بالقرعة قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم فانهم اجمعوا على ان كل امر مجهول فيه القرعة انتهى.

(اقول) ان الشيخ قدس‌سره قد أشار الى بعض الموارد التى صرح المدعى بنفسه أو غيره فى مقام توجيه كلام المدعى فيها بان دعوى الاجماع مستندة الى الاجتهاد والحدس فى تحصيل الاتفاق فقط من دون ضم مقدمة حسيّة.

(فمن ذلك) ما وجّه المحقق به دعوى المرتضى والمفيد ان من مذهبنا جواز ازالة النجاسة بغير الماء من المائعات قال المحقق واما قول السائل كيف نسب المفيد والسيد ذلك الحكم الى مذهبنا ولا نص فيه فالجواب اما علم الهدى فانه ذكر فى الخلاف انه انما اضاف ذلك الحكم الى مذهبنا لان من اصلنا اى من قاعدتنا ومذهبنا العمل بالاصل اى اصل البراءة او اصل الاباحة ما لم يثبت الناقل اى المانع

٧٥

عن اجراء الاصل وليس فى الشرع ما يمنع الازالة بغير الماء من المائعات وهو صريح فى ان مبنى الاجماع على اصالة البراءة عن وجوب استعمال الماء فى التطهير تعيّنا او عن منع استعمال غير الماء من المائعات فى التطهير لا على تتبع الفتاوى.

(ثم) قال المحقق واما المفيد فانه ادعى فى كتب مسائل الخلاف ان جواز ازالة النجاسة بسائر المائعات مروى عن الائمة عليهم‌السلام فصرح المحقق بان الاجماع الذى ادعاه المفيد مستند الى الرواية انتهى فظهر مما ذكر ان نسبة السيد والمفيد الحكم المذكور الى مذهبنا من جهة الاصل والرواية.

(ومن ذلك) اى من استناد الاجماع الى الاجتهاد ما عن الشيخ فى الخلاف حيث انه ذكر فيما اذا بان فسق الشاهدين بما يوجب القتل كاللواط مثلا بعد القتل اى بان فسقهما بعد قتل الحاكم المشهود عليه باللواط بانه يسقط القود ويكون الدية من بيت المال قال دليلنا اجماع الفرقة فانهم رووا ان ما اخطأت القضاة ففى بيت المال انتهى فعلّل انعقاد الاجماع بوجود الرواية عند الاصحاب لا تتبع الاقوال.

وقال بعد ذلك فيما اذا تعددت الشهود فيمن اعتقه المريض وعيّن كل غير ما عيّنه الآخر ولم يف الثلث بالجميع انه يخرج السابق بالقرعة قال دليلنا اجماع الفرقة واخبارهم فانهم اجمعوا على ان كل امر مجهول فيه القرعة انتهى لا يخفى عليك ان مبنى الاجماع فى هذا الفرع ايضا ليس على التتبع والوجد ان بل على الكلية المستنبطة من الروايات فهو من الاجماع على القاعدة.

٧٦

ومن الثانى ما عن المفيد فى فصوله حيث انه سئل عن الدليل على ان المطلّقة ثلثا فى مجلس واحد يقع منها واحدة فقال الدلالة على ذلك من كتاب الله عزوجل وسنة نبيه واجماع المسلمين ثم استدل من الكتاب بظاهر قوله تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ثم بيّن وجه الدلالة ومن السنة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل ما لم يكن على امرنا هذا فهو رد وقال ما وافق الكتاب فخذوه وما لم يوافقه فاطرحوه وقد بيّنا ان المرة لا تكون المرتين ابدا وان الواحدة لا تكون ثلثا فاوجب السنة ابطال طلاق الثلث.

واما اجماع الامة فهم مطبقون على ان ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل وقد تقدم وصف خلاف الطلاق بالكتاب والسنة فحصل الاجماع على ابطاله انتهى وحكى عن الحلى فى السرائر الاستدلال بمثل هذا ومن ذلك الاجماع الذى ادعاه الحلى على المضايقة فى قضاء الفوائت فى رسالته المسماة بخلاصة الاستدلال حيث قال اطبق الامامية عليه خلفا عن سلف وعصرا بعد عصر واجمعت على العمل به ولا يعتد بخلاف نفر يسير من الخراسانيين.

فان ابنى بابويه والاشعريين كسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة وسعد بن سعد ومحمد بن على بن محبوب صاحب كتاب نوادر الحكمة والقميين اجمع كعلى بن ابراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن الوليد عاملون باخبار المضايقة لانهم ذكروا انه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته وحفظتهم الصدوق ذكر ذلك فى كتاب من لا يحضره الفقيه وخرّيت هذه الصناعة ورئيس الاعاجم الشيخ ابو جعفر الطوسى مودع اخبار المضايقة فى كتبه مفت بها والمخالف اذا علم باسمه ونسبه لم يضر خلافه انتهى.

(اقول) ان المراد من الثانى ما افاده قدس‌سره بقوله او اتفاقهم على مسئلة اصولية نقلية او عقلية يستلزم القول بها فى اعتقاد المدعى الحكم فى المسألة المفروضة ويشهد به تكرير كلمة الاتفاق وغيره وان كان الفرق بين المعطوف والمعطوف عليه لا يخلو عن تكلف.

(ثم) ان المراد من المطلقة ثلثا فى مجلس واحد هى التى يقع عليها ثلاث

٧٧

طلقات بلفظ واحد كما يقول انت طالق ثلاثا او الاعم منها ومما يقع عليها ثلاث طلقات بصيغ متعددة قبل تخلل الرجوع كما يقول انت طالق انت طالق انت طالق فان المعروف من مذهب العامة وقوع الثلاث فى الصورتين فقد ادعى الاجماع على عدم وقوع الثلاث من جهة الاجماع الذى ادعاه فى المسألة الاصولية بعد ضم مقدمة اجتهادية اليها وهى ان وقوع الثلاث مخالف للكتاب والسنة.

(قوله حيث انه سئل عن الدليل على ان المطلقة ثلثا فى مجلس واحد يقع منها واحدة) اجمع الاصحاب على انه لا يقع الطلقتان او الطلقات الثلاث فى مجلس واحد وانما اختلفوا فى انه هل تقع باطلا من رأس او يقع منها واحدة ويلغوا الزائد فذهب الاكثر ومنهم الشيخ والمرتضى فى احد قوليه وابن ادريس والمحقق وباقى المتأخرين الى الثانى وذهب جماعة الى الاول واستدل الاولون بوجوه مذكورة فى الكتب الفقهية.

(واستدل المفيد) من الكتاب بظاهر قوله تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) وجه الاستدلال ان المستفاد منه كون الطلاق مرة بعد مرة فدل على عدم وقوع الثنتين والثلث بلفظ واحد واما وقوعها واحدة فللقصد اليها فى ضمن الثلث وللاخبار قال فى مجمع البيان واستدل اصحابنا بهذه الآية على ان الطلاق الثلث بلفظ واحد لا يقع لانه قال الطلاق مرتان ثم ذكر الثالث على الخلاف.

(ومن السنة) قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله كل ما لم يكن على امرنا هذا فهو رداى مردود وقال ما وافق الكتاب فخذوه وما لم يوافقه فاطرحوه وقال المفيد قد بينا ان المرة لا تكون المرتين ابدا وان الواحدة لا تكون ثلثا فاوجب السنة ابطال طلاق الثلث من دون رجعة بينها.

(واما اجماع الامة) فهم مطبقون على ان ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل وقد تقدم وصف خلاف الطلاق بالكتاب والسنة يعنى تقدم اتصاف الطلقات الثلاث فى مجلس واحد بكونها مخالفة للكتاب والسنة فحصل الاجماع على ابطاله انتهى ومما ذكر علم ان الاستدلال بالكتاب وما يليه انما هو لابطال وقوع الثلث بلفظ واحد

٧٨

لا لاثبات وقوع الطلقة فى الفرض وحكى عن الحلى فى السرائر الاستدلال مثل هذا.

(قوله ومن ذلك الاجماع الذى ادعاه الحلى الخ) يعنى من القسم الثالث باعتبار القسم الاول منه الاجماع الذى ادّعاه الحلّى على المضايقة اى وجوب الفورية فى قضاء الفوائت فى رسالته المسماة بخلاصة الاستدلال حيث قال اطبق الامامية على المضايقة خلفا عن سلف وعصرا بعد عصر واجمعت على العمل به ولا يعتد بخلاف نفر يسير اى عدة قليلة من الخراسانيين فان ابنى بابويه والاشعريين والقميين عاملون باخبار المضايقة وذكروا انه لا يحل رد الخبر الموثوق برواته وحفظتهم الصدوق ذكر عدم جواز رد خبر الثقة فى كتاب من لا يحضره الفقيه وخرّيت هذه الصناعة ورئيس الاعاجم الشيخ ابو جعفر الطوسى مودع اخبار المضايقة فى كتبه مفت بها والمخالف كبعض الخراسانيين اذا علم باسمه ونسبه لم يضر مخالفته انتهى.

(قوله والاشعريين) الاشعر اسم قبيلة من اليمن منها ابو موسى الاشعري ومنهم ابو الحسن الاشعري رئيس الاشاعرة ومنهم طائفة من علماء الشيعة سكنوا بلدة قم (قوله حفظتهم الصدوق) قيل هى على وزن همزة ولمزة كثير الحفظ(قوله خريت هذه الصناعة) الخريت بالكسر والتشديد الحاذق والماهر والجمع الخراريت.

٧٩

(ولا يخفى) ان اخباره باجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبنى على الحدس والاجتهاد من وجوه احدها دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به وهذا وان كان غالبيا إلّا انه لا يوجب القطع لمشاهدة التخلف كثيرا الثانى تمامية دلالة تاك الاخبار عند اولئك على الوجوب اذ لعلهم فهموا منها بالقرائن الخارجية تأكد الاستحباب الثالث كون رواة تلك الروايات موثوقا بهم عند اولئك لان وثوق الحلى بالرواة لا يدل على وثوق اولئك مع ان الحلى لا يرى جواز العمل باخبار الآحاد وان كانوا ثقاة والمفتى اذا استند فتواه الى خبر الواحد لا يوجب اجتماع امثاله القطع بالواقع خصوصا لمن يخطى العمل باخبار الآحاد.

وبالجملة فكيف يمكن ان يقال ان مثل هذا الاجماع اخبار عن قول الامام عليه‌السلام فيدخل فى خبر الواحد مع انه فى الحقيقة اعتماد على اجتهادات الحلّى مع وضوح فساد بعضها فان كثيرا ممن ذكر اخبار المضايقة قد ذكر اخبار المواسعة ايضا وان المفتى اذا علم استناده الى مدرك لا يصلح للركون اليه من جهة الدلالة او المعارضة لا يؤثر فتواه فى الكشف عن قول الامام عليه‌السلام واوضح حالا فى عدم جواز الاعتماد ما ادعاه الحلى من الاجماع على وجوب فطرة الزوجة ولو كانت ناشزة على الزوج وردّه المحقق بان احدا من علماء الاسلام لم يذهب الى ذلك فان الظاهر ان الحلى انما اعتمد فى استكشاف اقوال العلماء على تدوينهم للروايات الدالة باطلاقها على وجوب فطرة الزوجة على الزوج متخيلا ان الحكم معلق على الزوجية من حيث هى زوجية ولم يتفطن لكون الحكم من حيث العيلولة او وجوب الانفاق فكيف يجوز الاعتماد فى مثله على الاخبار بالاتفاق الكاشف عن قول الامام عليه‌السلام ويقال انها سنة محكية.

(حاصله) ان اخبار الحلى باجماع العلماء على الفتوى بالمضايقة مبنى على الحدس والاجتهاد من وجوه (احدها) دلالة ذكر الخبر فى الكتاب على عمل الذاكر بالخبر(وفيه) ان دلالة ذكر الخبر على عمل الذاكر به وان كان غالبيا إلّا انه لا يوجب

٨٠